للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكذلك صنع في هجاء الحطيئة الزبرقان بن بدر: سأل حسان، ثم قضى على الحطيئة بالسجن"١، وقد كان عمر قد كره أن يتعرض للشعراء، فاستشهد حسان، فلما بين حسَّان رأيه في الشعر، أنفذ حكمه، فتخلص "عمر" بعرضه سليمًا٢.

وتميم بن مقبل بن عوف بن حنيف العجلاني، من الشعراء الذين أدركوا الإسلام فأسلم، وكان يهاجي النجاشي، فهجاه النجاشي يومًا، فاستعدى تميم عمرَ عليه، فلما قرأ النجاشي على عمر ما قاله في تميم أمر بضربه وحبسه. وكان يبكي أهل الجاهلية٣.

"وسئل أبو عبيدة أي الرجلين أشعر: أبو نواس، أم ابن أبي عيينة؟ فقال: أنا لا أحكم بين الشعراء الأحياء، فقيل له: سبحان الله كأن هذا ما تبين لك! فقال: أنا ممن لم يتبين له هذا؟! "٤ وذلك خوفًا ولا شك من لسان الشاعر الحي. "ولسير الشعر على الأفواه هذا المسير تجنب الأشراف ممازحة الشاعر خوف لفظة تسمع منه مزحًا فتعود جدًّا"٥.

وكانوا يهابون الشاعر الهجَّاء البذيء اللسان المتمكن من شعر الهجاء، أكثر من غيره من بقية الشعراء، لما كان يتركه هجاؤه من أثر فيهم، حتى الشعراء المبَرَّزين كانوا يتقون شر الشاعر الهجاء ويبتعدون عنه. فلما هجا عبدُ الله بن الزبعري بني قصي، خاف قومه من هجاء الزبير بن عبد المطلب، فرفعوه برمته إلى عتبة بن ربيعة، فلما وصل إليهم أطلقه حمزة بن عبد المطلب وكساه، وكان الزبير غائبًا بالطائف، فلما وصل مكة وبلغه الخبر هجا قوم ابن الزبعري هجاء مرًّا٦، بقوله:

فلولا نحن لم يلبس رجال ... ثياب أعزة حتى يموتوا


١ العمدة "١/ ٧٦"، ابن سلام، طبقات "٢٥".
٢ "البيان والتبيين "١/ ٢٤٠".
٣ الإصابة "١/ ١٨٩"، "رقم ٨٦٢"، البيان "١/ ٢٣٩"، الخزانة "١/ ١١٣".
٤ العمدة "١/ ٧٦".
٥ العمدة "١/ ٧٧".
٦ العمدة "١/ ٦٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>