باللهجات العربية الجنوبية، أو لكونها أشعار مناطق بعيدة لم يألف علماء اللغة والشعر الذهاب إليها، أو لأنها من الشعر "العامي"، البعيد عن العربية المصطفاة، ولأسباب أخرى.
ونجد في خبر لهيب بن مالك اللهبي، المعروف بلهب، سجعًا ورجزًا، نستطيع أن نقول إنه -إن صح- يمثل مرحلة من مراحل الشعر عند الجاهليين، تفيدنا دراستها فائدة كبيرة في الوقوف على تطور الشعر الجاهلي. فقد ذكر أنه سمع الكاهن خطر بن مالك، وكان من أعلم كهان بني لهب، يقول:
عودوا إلى السحر ... ائتوني بسحر
أخبركم الخبر ... ألخير أم ضرر
أم لأمن أو حذر
وذكر أنه سمع الكاهن يقول:
أصابه أصابه ... خامره عقابه
عاجله عذابه ... أحرقه شهابه
زايله جوابه ... يا ويله ما حاله
بلبله بلباله ... عاوده خباله
فقطعت حباله ... وغيرت أحواله
ثم أمسك طويلا، وهو يقول:
يا معشر بني قحطان ... أخبركم بالحق والبيان
أقسمت بالكعبة والأركان ... والبلد المؤمن والسدان
قد منع السمع عتاة الجان ... بثاقب بكف ذي سلطان
من أجل مبعوث عظيم الشان ... يبعث بالتنزيل والقرآن
وبالهدى وفاصل الفرقان ... تبطل به عبادة الأوثان
ثم قال خطر:
أرى لقومي ما أرى لنفسي ... أن يتبعوا خير نبي الإنس
برهانه مثل شعاع الشمس١
١ الإصابة "٣/ ٣١٢"، "رقم ٧٥٦٤"، الاستيعاب "٣/ ٣١٢ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة".