للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كلام مصنوع، لكنه يفيدنا مع ذلك في الوقوف على نماذج من الشعر، روعي في صنعه محاكاة طريقة الكهان في نظم الكلام. فهو يفيدنا من هنا في الوقوف على أسلوب من أساليب نظم الكهان في أيام الجاهلية، كما أنه يفيدنا في دراسة موضوع صلة الكهانة والسحر بالشعر.

والشعر بعد، تعبير عن الخواطر والأحاسيس وخوالج النفوس، فلا يمكن أن تنحصر أغراضه في غرض واحد، لأن التعبير عن الحياة العامة للإنسان يحتاج إلى ألوان كثرة من ألوان التعبير الشعري، والشعر الجاهلي على كونه ضيقًا، لضيق أفق الحياة الجاهلية وبساطتها، فقد تنوعت فنونه، تنوعًا انبثق من صميم حياة الجاهليين، وأدى بذلك المعاني التي كانت تتطلبها حياتهم أداء يتناسب مع درجة عقليتهم ومستواهم المعاشي وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. وقد استعرض الإسلاميون تلك الأغراض التي قيل الشعر فيها فحصرها أبو تمام وهو نفسه من مشاهير الشعراء في الإسلام في عشرة أبواب: هي الحماسة، والمراثي، والأدب، والتشبيب "النسيب"، والهجاء، والإضافات، والصفات، والسير، والملح، ومعرفة النساء. وجعلها غيره: الغزل، والوصف، والفخر، والمدح، والهجاء، والعتاب، والاعتذار، والأدب، والخمريات، والأهديات، والمراثي، والبشارة، والتهاني، والوعيد، والتحذير، والتحريض، والملح، وباب مفرد للسؤال والجواب١. وحصرها ابن رشيق في النسيب، والمديح، والافتخار، والرثاء، والاقتضاء، والاستنجاز، والعتاب، والوعيد، والإنذار، والهجاء، والاعتذار٢. وورد في ديوان المعاني أن "أقسام الشعر في الجاهلية خمسة: المديح، والهجاء، والوصف، والتشبيه، والمراثي، حتى زاد النابغة فيها قسمًا سادسًا وهو الاعتذار، فأحسن فيه"٣.

وقد تعرض أبو العباس ثعلب، لهذه الأغراض فجعلها الأمر والنهي، والإخبار، والاستفهام. وهذه الأغراض الأساسية للشعر تتفرع إلى المديح، والهجاء، والرثاء، والاعتذار، والغزل، والتشبيه، والوصف٤. وجعل


١ الرافعي، تأريخ آداب العرب"٣/ ٧١".
٢ العمدة "٢/ ١١٣ وما بعدها"، "باب في أغراض الشعر وصنوفه".
٣ ديوان المعاني "١/ ٩١".
٤ جوستاف فون جرونباوم، حضارةُ الإسْلامِ "٣٣٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>