للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجد في شعر للنابغة قصة زرقاء اليمامة، وقصة الحية، إذ يقول:

تذكر أني يجعل الله فرصة ... فيصبح مال ويقتل واترهْ

فلما وقاها الله ضربة فأسه ... وللبر عين لا تغمض ناظرهْ

فقالت: معاذ الله أعطيك إنني ... رأيتك غدَّارًا يمينك فاجره

أبى لي قبر لا يزال مقابلي ... وضربة فأسٍ فوق رأسي فاقرهْ

والقصة: أن بلدة امتنعت على أهلها بسبب حية غلبت عليها، فخرج أخوان يريدانها، فوثبت على أحدهما فقتلته، فتمكن لها أخوه في السلاح، فقالت: هل لك أن تؤمنني فأعطيك كل يوم دينارًا؟

فأجابها إلى ذلك حتى أُثري، ثم ذكر أخاه، فقال: كيف يهنؤني العيش بعد أخي؟ فأخذ فأسًا وصار إلى جحرها، فتمكن لها، فلما خرجت ضربها على رأسها، فأثر فيه ولم يمعن، ثم طلب الدينار حين فاته قتلها! فقالت: إنه ما دام هذا القبر بفنائي وهذه الضربة برأسي فلست آمنك على نفسي! وكان العرب تضرب أمثالا على ألسنة الهوام١.

وللحية قصص عند الشعوب القديمة، وقد صوروها بصور مختلفة، وأشير إليها في التوراة. وقد جعلت رمزًا للحيل والإغراء والشر والغدر٢، والأرجح أن واضع القصة التي نظمها شعرًا على لسان النابغة، إنما أخذها من أهل الكتاب.

ونجد لعمرو بن آلة بن الخنساء شعرًا حكى فيه قصة سابور، والحضر، منه:

ألم ينبئك والأنباء تنمي ... بما لاقت سراة بني العبيد

ومصرع ضيزن وبني أبيه ... وأحلاس الكتائب من شريد

أتاهم بالفيول مجللات ... وبالأبطال سابور الجنود

فهدم من أواسي الحضر صخرًا ... كأن ثقاله زبر الحديد٣


١ الشعر والشعراء "١/ ٩٦".
٢ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٤٠٠".
٣ الروض الأنف "١/ ٥٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>