للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمضمن من الشعر ما لا يتم معناه إلا في البيت الذي بعده. وقد اختلف العلماء فيه، فمنهم من عدَّه عيبًا، ومنهم من لم يعده عيبًا، ويراه مذهبًا أجازه العرب لسببين: السماع، والآخر القياس. أما السماع فلكثرة ما يرد عنهم من التضمين، وأما القياس فلأن العرب قد وضعت الشعر وضعًا دلت به على جواز التضمين عندهم، وحجة من قال بتقبيح التضمين أن كل بيت من القصيدة شعر قائم بنفسه فمن هنا قبح التضمين. وقد أوردوا للنابغة ولغيره من الشعراء أمثلة من التضمين١. وهو بهذا المعنى معروف عند غير العرب من الساميين والآريين، إذ إن الأبيات عندهم ترتبط معانيها بعضها ببعض، فلا يفهم معنى بيت إلا بالبيت الذي يليه. ولهذا تكون أبيات القطعة أو القصيدة مرتبطة بعضها ببعض، ولا سيما في أشعار الملاحم والغناء.

والإصراف في الشعر، إذا أقوى فيه وخولف بين القافيتين٢. وأما السِّناد، فاختلاف الأرداف. وقال "الأخفش" أما ما سمعت من العرب في السناد، فإنهم يجعلونه كل فساد في آخر الشعر ولا يحدون في ذلك شيئًا وهو عندهم عيب". وقد أشير إليه في قول الشاعر:

فيه سناد وإقواء وتحريد٣ ... وتحريد الشيء تعويجه

وقيل: السناد: هو أن يختلف أرداف القوافي، كقولك علينا في قافية وفينا في أخرى٤.

وقد تحدث الجاحظ عن الأوتاد، والأسباب، والخرم والزحاف، فقال: "وكما وضع الخليل بن أحمد لأوزان القصيد وقصار الأرجاز ألقابًا لم تكن العرب تتعارف تلك الأعاريض بتلك الألقاب، وتلك الأوزان بتلك الأسماء، وكما ذكر الطويل، والبسيط، والمديد، والوافر، والكامل، وأشباه ذلك، وكما ذكر


١ اللسان "١٣/ ٢٥٨ وما بعدها"، "ضمن"، تاج العروس "٩/ ٢٦٥"، "ضمن"، العمدة "٢/ ٨٤"، "باب التضمين والإجازة".
٢ اللسان "٩/ ١٩٣".
٣ اللسان "٣/ ٢٢٣".
٤ الشعر والشعراء "١/ ٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>