للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّنْ خالط أهل الريف، وأقاموا على أطراف الحواضر١. كما أن قياس أهل البصرة في النحو، بني على قواعد بنوها هم وأقاموها، وفق دراساتهم، وأخذهم عن الأعراب من نثر وشعر، ولهذا سخروا من علم أهل الكوفة ومن علم علمائهم في النحو، وتتجلى سخريتهم في أشعار نظموها في أهل الكوفة وفي شيخهم "الكسائي". ترى استهزاء أهل البصرة بعلم وبقياس وبعلماء أهل الكوفة في مثل هذا الشعر:

كنا نقيس النحو فيما مضى ... على لسان العرب الأول

فجاء أقوام يقيسونه ... على لغي أشياخ قطربل

فكلهم يعمل في نقض ما ... به يصاب الحق لا يأتلي

إن الكسائي وأشياعه ... يرقون في النحو إلى أسفل٢

وتراه في شعر آخر، هو:

وقل لمن يطلب علمًا ألا ... ناد بأعلى شرف ناد

يا ضيعة النحو، به مغرب ... عنقاء أودت ذات إصعاد

أفسده قوم وأزروا به ... من بين أغتام وأوغاد

ذوي مراء وذوي لكنة ... لئام آباء وأجداد

لهم قياس أحدثوه هم ... قياس سوء غير منقاد

فهم من النحو، وإن عمروا ... أعمار عاد، في أبي جاد

والكسائي، الذي طعن البصريون في علمه، وقدموا صاحبهم سيبويه عليه، ناظر خصمه بحضرة الرشيد أو في مجلس البرامكة على رواية، وغلبه بمؤامرة يقال إنها حكيت، للإيقاع به. وذلك في المسألة التي عرفت بـ"المسالة الزنبورية" في كتب العلماء٣. وكان الكسائي قد أخذ النحو عن أبي جعفر الرؤاسي، وهو أول من وضع من الكوفييين كتابًا في النحو، وقيل إن كل ما في كتاب سيبويه: "وقال الكوفي كذا.." إنما عنى به الرؤاسي هذا، وكتابه يقال


١ نزهة الألباء "١٠٨". بغية، للسيوطي "٣٣٦"، إرشاد "٧/ ٢٩٠"، يوهان فك "٦٢".
٢ السيرافي، أخبار النحويين "٢٣"، يوهان فك "٦٢".
٣ مجالس العلماء "٨ وما بعدها"، السيوطي، الأشباء والنظائر "٣/ ١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>