للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيتًا واحدًا فيه جواز شيء مخالف للأصول جعلوه أصلا وبوبوا عليه، بخلاف البصريين"١.

واتهموا أنهم كانوا يصنعون الشاهد من الشعر فيما لا يصيبون له شاهدًا إذا كانت العرب على خلافهم، ولذلك تجد في شواهدهم من الشعر ما لا يعرف قائله، بل ربما استشهدوا بشطر بيت لا يعرف شطره الآخر٢، وربما أخذوا من العرب المتحضرة، "ومن أجل هذا وأمثاله كان البصريون يغتمزون على الكوفيين فيقولون: نحن نأخذ اللغة عن حرشة الضباب وأكلة اليرابيع وأنتم تأخذونها عن أكلة الشواريز والكوامخ٣. ومن الأعراب الذين أخذ الفراء -عالم الكوفة بعد الكسائي- عنهم اللغة، أبو الجراح، وأبو مروان، وأهل البصرة يمتنعون من الأخذ عن أمثال هؤلاء الأعراب، ولا يرون في قولهم حجة. وقال أبو حاتم: إذا فسرت حروف القرآن المختلف فيها، وحكيت عن العرب شيئًا، فإنما أحكيه عن الثقات منهم، مثل أبي زيد. والأصمعي، وأبي عبيدة ويونس وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم، ولا التفت إلى رواية الكسائي، والأحمر والأموي، والفراء، ونحوهم"٤.

واتهموا بأنهم كانوا يكثرون من الشعر، يقولونه على ألسنة الشعراء، قال ابن سلام في أثناء حديثه عن الأسود بن يعفر الشاعر الجاهلي: "وذكر بعض أصحابنا أنه سمع المفضل يقول: له ثلاثون ومائة قصيدة، ونحن لا نعرف له ذلك ولا قريبًا منه. وقد علمت أن أهل الكوفة يروون له أكثر مما نروي، ويتجوزون في ذلك أكثر من تجوزنا"٥. وكان الأسود، يكثر التنقل في العرب يجاورهم، فيذم ويحمد. وله في ذلك أشعار. له قصيدة جيدة، طويلة رائعة تعد من أول الشعر، وهي:

نام الخلي فما أحس رقادي ... والهم محتضر لدي وسادي٦


١ الرافعي "١/ ٣٧٠".
٢ الرافعي "١/ ٣٧٠ وما بعدها".
٣ الرافعي "١/ ٣٧١".
٤ المزهر "٢/ ٤١٠"،
٥ ابن سلام، طبقات "٣٣ وما بعدها".
٦ ابن سلام، طبقات "٣٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>