للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعر، في أحاديثه التي وضعها على ألسنة الشعراء في الجنة أو في النار، وفي أسئلته التي وجهها إليهم، أو وجهها غيره إليهم. كما في استفساره من امرئ القيس عن رواة أهل بغداد في إنشادهم أبياتًا من قصيدته: "قفا نبك" بزيادة الواو في أولها، فوضع الجواب على لسانه، بقوله: "باعد الله أولئك! لقد أساءوا الرواية. وإذا فعلوا ذلك فأي فرق يقع بين النظم والنثر؟ وإنما ذلك شيء فعله من لا غريزة له في معرفة وزن القريض، فظنه المتأخرون أصلا في المنظوم، وهيهات هيهات! "١. ثم يقول: "لو شرحت لك ما قال النحويون في ذلك لعجبت"٢.

ونرى المعري يوجه أسئلة إلى امرئ القيس، فيقول له: "أخبرني عن كلمتك "الصادية"، و"الضادية"، و"النونية" التي أولها:

لمن طلل أبصرته فشجاني ... كخط زبور في عسيب يمان

لقد جئت فيها بأشياء ينكرها السمع، كقولك:

فإن أمس مكروبًا فيا ربَّ غارةٍ ... شهدت على أقب رخو اللبانِ

وكذلك قولك في الكلمة الصادية:

على نقنق هيقٍ له ولعرسه ... بمنقطع الوعساء بيض رصيص

وقولك:

فأسقى به أختي ضعيفة إذ نأت ... وإذ بَعُدَ المزدارُ غير القريضِ

في أشباه لذلك، هل كانت غرائزكم لا تحس بهذه الزيادة؟ أم كنتم مطبوعين على إتيان مغامض الكلام وأنتم عالمون عما يقع فيه؟ كما أنه لا ريب أن زهيرًا كان يعرف مكان الزحاف في قوله:


١ رسالة الغفران "٣١٣ وما بعدها".
٢ رسالة الغفران "٣١٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>