للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطلب شأو َامرأين قدّما حسبًا ... نالا الملوك، وبذَّا هذه السوقا

فإن الغرائز تحس بهذه المواضع"١.

ثم يجيب المعري على لسان امرئ القيس بقوله: "أدركنا الأولين من العرب لا يحفلون بمجيء ذلك، ولا أدري ما شجن عنه "فأما أنا وطبقتي فكنا نمر في البيت حتى نأتي إلى آخره، فإذا فنى وقارب، تبين أمره للسامع"٢.

ثم نراه يسأل امرئ القيس عن قوله:

ألا رب يوم لك منهن صالحٍ ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

أتنشده: لك منهن صالح؟ أم تنشده على الرواية الأخرى. فيجيب على لسانه بقوله: "أما أنا فما قلت في الجاهلية إلا بزحاف:

لك منهن صالح

وأما المعلمون في الإسلام، فغيروه على حسب ما يريدون"٣.

وقد سأله المعري عن الشعر المسمط المنسوب إليه، فأنكر على لسانه أن يكون قد سمع به قط، قائلا "وإنه لقرى لم أسلكه، وإن الكذب لكثير، وأحسب هذا لبعض شعراء الإسلام، ولقد ظلمني وأساء إلي"٤. ولما سأله عن الإقواء في شعره، قائلا له: "وقد كان بعض علماء الدولة الثانية يجعلك لا يجوز الإقواء عليك"، أجاب على لسانه: "لا نكرة عندنا في الإقواء"٥.

وقد كان من أصعب الأشياء على بعض رجال المدرستين ألا يجيبوا على أسئلة توجه إليهم إجابة تفيد بوجود علم لهم عنها، ولهذا كانوا يعمدون إلى الصنعة والافتعال. نجد ذلك عند أهل الأخبار، وعلى رأسهم ابن الكلبي، كما نجد ذلك عند رواة الشعر مثل حماد الراوية، وخلف الأحمر، كما نجد عند علماء


١ رسالة الغفران "٣١٥ وما بعدها".
٢ رسالة الغفران "٣١٧".
٣ رسالة الغفران "٣١٧ وما بعدها".
٤ رسالة الغفران "٣١٩".
٥ رسالة الغفران "٣٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>