للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعيان أكثر منه للسمع، بحيث أن الحروف وليست الأصوات، هي التي تلعب دورًا هامًّا في الشعر١. غير أن رأيه هذا لم ينل تأييدًا من غالبية المستشرقين. وذهب "كو لدزيهر"، إلى احتمال تدوين العرب لشعر الهجاء، لما لهذا النوع من الشعر من أهمية عندهم، فإن في شعر الشاعرة ليلى الأخيلية:

أتاني من الأنباء أن عشيرة ... بشوران يزجون المطي المذللا

يروح ويغدو وفدهم بصحيفة ... ليستجلدوا لي، ساء ذلك معملا٢

وفي شعر ابن مقبل:

بني عامر، ما تأمرون بشاعر ... تخير بابات الكتاب هجائيًا٣

غير أن بعضهم يرى صعوبة تصور ذلك، لعدم وجود أدلة مقنعة تثبت هذا الرأي٤.

وقد توقف "بلاشير" أيضًا في قضية تدوين الرواة لشعر الشاعر الذي تخصصوا به، أو برواية شعر أي شاعر كان. يرى احتمال تدوين بعض الرواة الحضر لبعض عُيُون الشعر، غير أنه يعود، فيرى أن ذلك مجرد احتمال، وأن من الصعب إثباته بأدلة مقنعة، ويذهب إلى أن رواية الرواة، كانت رواية شفوية كذلك٥.

ولا استبعد احتمال تدوين الشعراء الجاهليين الذين كانوا يحسنون الكتابة والقراءة لأشعارهم، كما لا استبعد احتمال تدوين رواة الشعر، ولا سيما ما نبه وشرف منه، غير أننا لا يمكن أن نقول إن الشاعر كان إذ ذاك يدون كل شعره، أو أن الرواة، كانوا يدونون كل ما حفظوه من الشعر، لأن هذا النوع من التدوين لم يكن مألوفًا عندهم، كما كان يكلف ثمنًا باهظًا، لا قِبَلَ للشاعر أو للراوية بتحمله، ثم إن القرطاس كان نادرًا عندهم، والتدوين على


١ بلاشير، تأريخ الأدب العربي "٩٤ وما بعدها".
٢ المصدر نفسه "ص٩٨".
٣ العمدة "٢/ ١٥٩ وما بعدها"، الحيوان "٧/ ١١٢"، ديوان ابن مقبل "٤١٠".
٤ بلاشير "٩٨ وما بَعْدَها".
٥ بلاشير "١٠١".

<<  <  ج: ص:  >  >>