للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان يقيم وزنًا كبيرًا للشعر في تأديب الأولاد. فكانت وصيته لمؤدب ولده: "روهم الشعر، روهم الشعر، يمجدوا وينجدوا"١. وروي أنه تمثل وهو بمرضه الذي مات فيه بشعر ابن قميئة، وذلك أمام الشعبي، فأنشده الشعبي شعرًا من شعر لبيد٢.

ونجد في الأخبار أن عبد الملك، كان إذا شك في شعر، أو أراد الوقوف عليه وعلى ظروفه، كتب إلى العلماء به، يسألهم عنه، أو يستدعي من يعرف أن له علمًا به، فيسأله عنه، أو يسأل آل الشعر أو أحد أفراد قبيلته عنه. وكان كثير الحفظ له، حتى كاد لا يدانيه فيه كثير من حفاظ الشعر، وكان يجمع إليه الشعراء في يوم، حتى يستمتع بإنشاد شعرهم، وشعر المتقدمين عليهم. وكان له ذوق في الشعر ونقد دقيق له، ذكر أنه قال يومًا للشعراء وقد اجتمعوا عنده: "تشبهوننا بالأسد والأسد أبخر، وبالبحر والبحر أجاج، وبالجبل مرة والجبل أوعر، أقلتم كما قال أيمن بن خريم" ثم ذكر شعره في بني هاشم٣. وقال للأخطل، وقد كان قد قال له: "يا أمير المؤمنين، قد امتدحتك فاستمع مني" "إن كنت إنما شبهتني بالصقر والأسد فلا حاجة لي في مدحتك، وإن كنت كما قالت أخت بني الشريد٤ لأخيها صخر فهات. فقال الأخطل: وما قالت يا أمير المؤمنين؟ قال: هي التي تقول:

وما بلغت كف امرئ متناول ... من المجد إلا حيث ما نلت أطول٥

ثم قرأ عليه الأبيات. ولما دخل "جرثومة" الشاعر على عبد الملك بن مروان، فأنشده والأخطل حاضر، "قال عبد الملك للأخطل: هذا المدح ويلك يابن النصرانية"٦.

وكان يجمع بين الشعراء، ويستمع إلى شعرهم، يجمعهم حتى إن كانوا


١ العِقْدُ "٦/ ١٢٥".
٢ الخزانة "٢/ ٢٥١"، "هارون ".
٣ المصون في الأدب، لأبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري "ص٦٢"، "تحقيق عبد السلام محمد هارون"، "الكويت ١٩٦٠م".
٤ يعني الخنساء.
٥ المصون "٦٣".
٦ المصون "٦٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>