للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اتهم حماد بالوضع، قال محمد بن سلام الجمحي: "وكان أول من جمع أشعار العرب وساق أحاديثها، حماد الراوية، وكا غير موثوق به. وكان ينحل الشعر غيره، ويزيد في الأشعار"١ وقال: يونس بن حبيب: "إني لأعجب كيف أخذ الناس عن حماد، وكان يكذب ويلحن ويكسر الشعر، ويصحف ويكذب"٢. وروي عن الأصمعي قوله: "جالست حمادًا الراوية، فلم آخذ عنه ثلاثمائة حرف، ولم أرضَ روايته وكان قارئًا"٣. وروي عنه أيضًا قوله: "كان حماد أعلم الناس إذا نصح"، يعني إذا لم يزد وينقص في الأشعار والأخبار، فإنه كان متهمًا بأنه يقول الشعر وينحله شعراء العرب. وهؤلاء كلهم من رؤساء البصرة في العلم، وقد كان علماء هذه المدينة، يطعنون كما سبق أن قلت في علمه وفي أمانته، ولكنهم يعترفون مع ذلك بقابليته وبمواهبه في الشعر، حتى زعموا أنه كان إذا صنع الشعر على لسان شاعر جاهلي، صعب حتى على العلماء، استخراجه من الصحيح.

وقد أدخله الشريف المرتضى في عداد الزنادقة الملحدين المتهمين في دينهم، ومنهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وحماد الرواية، وحماد بن الزبرقان، وحماد عجرد، وعبد الله بن المقفَّع، وعبد الكريم بن أبي العوجاء، وبشار بن برد، ومطيع بن إياس، ويحيى بن زياد الحارثي، وصالح بن عبد القدوس الأزدي، وعلي بن خليل الشيباني، وقال عن حماد: "وأما حماد الراوية، فكان منسلخًا من الدين، زاريًا على أهله، مدمنًا لشرب الخمور وارتكاب الفجور"٤. ونقل عن

الجاحظ أنه كان يجتمع مع أمثاله "على الشرب وقول الشعر، ويهجو بعضهم بعضًا، وكل منهم متهم في دينه". وقال عنه "وكان حماد مشهورًا بالكذب في الرواية وعمل الشعر، وإضافته إلى الشعراء المتقدمين ودسه في أشعارهم، حتى إن كثيًرا من الرواة قالوا: قد أفسد حماد الشعر، لأنه كان رجلا يقدر على صنعته فيدس في شعر كل رجل منهم ما يشاكل طريقته، فاختلط لذلك الصحيح بالسقيم"٥


١ طبقات الشعراء "١٤".
٢ طبقات ابن سلام "١٥"، المُزْهِر "٢/ ٤٠٦".
٣ المعارف "٥٤١"، المُزْهِر "٢/ ٤٠٧".
٤ آمالي المرتضى "١/ ١٢٨، ١٣١ وما بعدها".
٥ آمالي المرتضى "١/ ١٣١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>