للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناقد، وأين ذلك؟ "١.

وابن الأعرابي الذي يروي انتقاص المفضل الضبي لحماد، هو على ما يذكر ربيب المفضل، كانت أمه تحته٢، فلا أستبعد تأثره بحنق الضبي على حماد، بسبب المنافسة التي كانت بينه وبين حماد.

وقد اتهم حماد الزندقة، كما اتهم بها حماد عجرد، ومطيع بن إياس، ويحيى بن زياد، وعلي بن الخليل، وصالح بن عبد القدوس، وبشار، وأبو نُواس. وقد وصف الجاحظ الزنادقة بقوله: "ربما سمع أحدهم ممن لا معرفة عنده ولا تحصيل له، أن الزنادقة ظرفاء، وأنهم عقلاء وأدباء، وأنه عباد وأصحاب اجتهاد، وأن لهم البصائر في دينهم، والبذل لمهجهم، وأن هناك علمًا وتمييزًا، وإنصافًا وتحصيلا، فيسري إليهم مسرى المهر الأرن، ويحن إليهم حنين الواله العجول، ويتصبب فيهم صبابة العاشق المتيم، ويرى أنه متى اتهم بهم، فقد قضى لهم بذلك كله، فلا يزال كذلك حتى يسهل في طباعه، ويرجح عنده أن يزعم أنه زنديق". وذكر أنه "ما منهم في الظاهر إلا نظيف البزة، جميل الشكل، ظاهر المروءة، فصيح اللهجة، ظريف التفضيل والجملة، والله أعلم ببواطنهم وضمائرهم. قال أبو نواس، وكان أيضًا زنديقًا يعد فيهم:

تيه مغنٍّ وظرف زنديق٣

وكان حماد صديقًا لحمادين آخرين هما حماد عجرد، وحماد بن الزبرقان، وكانوا "يتنادمون على الشراب ويتناشدون الأشعار، ويتعاشرون معاشرة جميلة، وكانوا كأنهم نفس واحدة، وكانوا يرمون بالزندقة"٤. وقد هجا حماد بن الزبرقان حمادًا الراوية، فقال:

نعم الفتى لو كان يعرف ربه ... ويقيم وقت صلاته حمادُ

هدلت مشافره الدنان فأنفه ... مثل القدوم يسنها الحداد


١ ياقوت، إرشاد "٤/ ١٤٠"، "تحقيق مركليوث"، الأغاني "٦/ ٨٩".
٢ الفِهْرِسْتُ "١٠٨ وما بعدها".
٣ ثمار القلوب "١٧٦ وما بعدها"، ديوان أبي نُواس "٨٩".
٤ الأغاني "٦/ ٧٤ وما بعدها"، الحيوان "٤/ ٤٤٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>