للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"دخل علينا ذو الرمة الكوفة، فلم نر أحسن ولا أفصح ولا أعلم بغريب منه. فغم ذلك كثيرًا من أهل المدينة، فأرادوا الكيد له بامتحانه، فصنعوا شعرًا على ألسنة بعض الجاهليين، وأنشدوه إياه، فعلم ذلك "ذو الرمة" بعلمه وبمعرفته للشعر الجاهلي، أنه شعر مصنوع، فقال لهم: "ما أحسب أن هذا من كلام العرب"١.

وقد زيد في شعر "امرئ القيس" كثيرًا، وقد عده علماء الشعر من المقلين، وجعل بعضهم الصحيح من شعره نيفًا وعشرين شعرًا بين طويل وقطعة٢. وفي جملة ما نسب إليه القصيدة المسمطة، وهي:

توهمت من هند معالم أطلال ... عفاهن طول الدهر في الزمن الخالي

مرابع من هند خلت ومصايف ... يصيح بمغناها صدى وعوازف

وغيرها هوج الرياح العواصف ... وكل مسف ثم آخر مرادف

بأسحم من نوء السماكين هطال٣

ونرى "ابن سلام" يقول: "ومما يدل على ذهاب العلم وسقوطه قلة ما بقي بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد. والذي صح لهما قصائد بقدر عشر، وإن لم يكن لهما غيرهن، فليس موضعهما حيث وضعا من الشهرة والتقدمة، وإن كان ما يروى من الغثاء لهما فليسا يستحقان مكانهما على أفواه الرواة. ونرى أن غيرهما قد سقط من كلامه كلام كثير، غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر. وكانا أقدم الفحول، فلعل ذلك لذلك. فلما قل كلامهما حمل عليهما حمل كثير، ولم يكن لأوائل العرب من الشعر إلا الأبيات يقولها الرجل في حادثة"٤. ولما تحدث عن "عبيد بن الأبرص" قال: "عبيد بن الأبرص، قديم عظيم الذكر، عظيم الشهرة، وشعره مضطرب ذاهب، لا أعرف له إلا قوله:

أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيات فالذنوب


١ الأغاني "١٦/ ١١٧".
٢ العمدة "١/ ١٠٥".
٣ العمدة "١/ ١٧٦".
٤ طبقات "١٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>