للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعر، وقرن بهما أسماء غير محددة، ويبدو أن تحديد هذه المعاني كلها عند العرب كان مختلفًا عن اصطلاحات العروضيين، وإلا فإن القبض في العروض من عيوب الزحاف، وهو حذف الحرف الخامس الساكن"١. وورد في رواية عن "أبي ذر": "لقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فلا يلتئم على لسان"، وقد اختلفوا في المراد من الأقراء٢، وفي هذين الخبرين وأمثالهما دلالة على أنه قد كان لأهل الجاهلية قواعد ثابتة بالنسبة للشعر، وأن الشعر كان يعتمد عندهم عليها. وأن علماء العروض: "الخليل بن أحمد" و "الأخفش" لم يتمكنا من ضبط كل بحور الشعر التي كانت عند الجاهليين، بدليل أننا نجد أبياتًا خارجة عن العروض الذي وضعاه، ويظهر أن هذا الخروج يمثل مرحلة من مراحل الشعر، لم نقف على كنهها بعد٣. وقد وجد "العيني" أن في الأصمعية المرقمة ب "٧٢" تشعيثًا، قال عنه "غرونباوم": "ومثل هذا لا يعد خطأ، بل هو مظهر من مظاهر التطور الفني في هذا الوزن، مظهر استنكر أو نسي مع الزمن، حين وضع علم العروض، بعد حوالي قرنين من وفاة أبي دؤاد"٤، وقد ذهب "غرونباوم إلى أن "الخليل"، أقر "ستة عشر وزنًا، واطرح بعض الأوزان الهزيلة التي كان القدماء قد استنبطوها"٥، والواقع أننا لا نستطيع الزعم، بأن الخليل قد أحاط علما بكل أنوع العروض العربي الجاهلي.

ومن يفحص الشعر الجاهلي، يجد أن في بعضه اضطرابًا وخروجًا وشذوذًا على قواعد "العروض"، وقد وجد هذا الشذوذ في شعر شعراء يعدون من الفحول، مثل "امرئ القيس"، في القصيدة التي مطلعها:

عيناك دمعهما سجال ... كأن شأنهما أوشال

ومثل عبيد بن الأبرص في قوله:

أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيات فالذنوب


١ اللسان "٩/ ٨٠"، بروكلمن "١/ ٥٣".
٢ النهاية، لابن الأثير "٣/ ٢٣٨"، بروكلمن "١/ ٥٣".
٣ بروكلمن "١/ ٥٤".
٤ غرونباوم "٣٦٨".
٥ غرونباوم "٢٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>