للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعلم من الوضاعين، وكان من العارفين بدروب الشعر، وكان أيضا مثل والده ممن يضع الشعر على ألسنة الناس.

وتذكر قصة "امرئ القيس" أنه انتقم من "بني أسد" قتلة والده، فقرت عيناه بأخذه الثأر منهم. وقد نظم ذلك في شعره١. وتذكر أنه خرج إليهم أول ما خرج مع بكر وتغلب، وهم الذين كانوامعه، فأدرك بين أسد ظهرا، فكثرت الجرحى والقتلى، وحجز الليل بينهم، وهربت بنو أسد، فلما أصبحت بكر وتغلب، أبوا أن يتبعوهم وقالوا له: قد أصبت ثأرك. قال: والله ما فعلت ولا أصبت من بني كاهل ولا من غيرهم من بني أسد أحدا؛ قالوا: بلى، ولكنك رجل مشئوم، وانصرفوا عنه، فمشى هاربا لوجهه، حتى أمده "مرثد الخير بن ذي جدن" الحميري، وتبعه شذاذ من العرب، واستأجر رجالا من القبائل، ثم خرج فظفر ببني أسد، وألح المنذر في طلب امرئ القيس ووجه إليه الجيوش، فتفرق من كان معه ونجا في عصبته، فكان ينزل على بعض العرب ويرحل حتى قدم على السموأل، ثم على قيصر، على نحو ما ذكرت.

وتذكر رواية أن "امرأ القيس" لما مر ببكر بن وائل طالبا منهم النصرة، سألهم عن شاعر محسن فيهم، فأتوه بعمرو بن قميئة الضبعي، وقد أسن، فأعجب به "امرؤ القيس" فأخذه معه، حتى ذهب إلى "الحارث بن أبي شمر" الغساني، طالبا منه النجدة، فقال له: إني لست أقدر على المسير إلى العراق في هذا الوقت، ولكني أسير معك إلى الملك قيصر، فهو أقوى مني على ما سألت، وكانت للحارث وفادة على الملك، فأوفده معه٣. فالذي أخذ "امرأ القيس" إلى الروم هو "الحارث"، على هذه الرواية. والمعروف من الروايات الأخرى أن هذا الملك طالب "السموأل" بأسلحة "امرئ القيس" التي أودعها عنده، فلما أبى السموأل إلا إعطاءها إلى "آل امرئ القيس" الشرعيين وورثته، حاصره، وقتل ابنه، فضرب العرب بالسموأل المثل في الوفاء.


١ تأريخ ملوك العرب الأولية "ص١٢٦ وما بعدها".
٢ الرافعي "٣/ ١٩٥ وما بعدها".
٣ الخزانة "٣/ ٦١٣ وما بعدها"، "بولاق".
٤ نزهة الجليس "٢/ ١٥١".

<<  <  ج: ص:  >  >>