للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنعه من قتله للحصول على ماله. فلما كان "عروة بن الورد" في أرض "بني القين" يتربص المارة، فمرت به إبل، فيها ظعينة ورجل يحرسها، خرج إليه "عروة" فرمى الرجل بسهم في ظهره، أرداه قتيلا، واستاق الإبل والظعينة١.

ولما خرج "الأخينس" الجهني فلقي "الحصين" العمري، وكانا فاتكين، وسارا حتى لقيا رجلا من كندة في تجارة أصابها من مسك وثياب وغير ذلك، طمعا به، فاغتره "الحصين" فضرب بطنه بالسيف فقتله، واقتسما ماله، ثم ركبا، وطمع "الأخينس" في مال "الحصين" فتربص به الفرص حتى أخذه على غرة فقتله واستولى على ما كان عنده، في حكاية تروى، وفيه يقول الأخينس على لسان "صخرة" أخت "الحصين":

تساءل عن حصين كل ركب ... وعند جهينة الخبر اليقين٢

فالفاتك لا يجد مانعا أخلاقيا يمنعه من الفتك بأي شخص إن وجد عنده المال ووجد له فرصة مواتية، ثم هو لا يمتنع من الفتك حتى بزميله وصاحبه وشريكه في الإغارة والفتك، والتاجر لا يأمن من حراسه ومن مرافقيه حتي يصل مقره، لأن الفقر لا يعرف أخا ولا صديقا وشريكا، قاتل الله الفقر ووقانا شره!

ونجد "تأبط شرا"، يتبجح في شعر ينسب له، فيقول إنه لا يبيت الدهر إلا على فتى أسلبه، أو على سرب أذعره٣. ونجد صاحب "لامية العرب"، إن صح أنها للشنفرى، يصف غارة ملأت الرعب في قلب من وقعت عليهم، قام بها في ليلة باردة، عاد منها سالما معافى بغنائم، وهو فرح بما تركه من قتل وسلب وألم في نفوس النساء والأطفال، إذ يقول:

فأيمت نسوانا وأيتمت إلدة ... وعدت كما أبدأت والليل أليل٤

ونجد "السليك" يخرج مع صعلوكين يريدون الغارة، فساروا حتى أتوا بيتا متطرفا، ووجد شيخا غطى وجه من البرد، وقد أخذته إغفاءة، ومعه إبله


١ ديوان عروة "١١٣"، "إخراج عبد المعين الملوحي".
٢ عيون الأخبار "١/ ١٨١ وما بعدها"، "طبعة وزارة الثقافة والإرشاد القومي".
٣ الأغاني "١٨/ ٢١٧".
٤ الشعراء الصعاليك "٤٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>