للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه. فقال عند ذلك:

ما بالثراء يسود كل مسود ... مثر ولكن بالفعال يسود

بل لا أكاثر صاحبي في يسره ... وأصد إذ في عيشه تصريد

فإذا غنيت فإن جاري نيله ... من نائلي وميسّري معهود

وإذا افتقرت فلن أرى متخشعا ... لأخي غنى معروفه مكدود١

فالسيد بفعاله، وأعماله لا بالمال. وهو يقول في شعر له، إن فراشه فراش الضيف، وأن بيته بيت للضيوف، ويجالس الضيف ويحادثه، فالحديث جزء من القرى:

فراشي فراش الضيف والبيت بيته ... ولم يلهني عنه غزال مقنع

أحدثه إن الحديث من القرى ... وتعلم نفسي أنه سوف يهجع

وفي خبر آخر، أن سنين شديدة أصابت الناس فأهلكتهم، وترك الناس الغزو لجدوبة الأرض، وكان عروة في تلك السنين غائبا، فرجع مخفقا، قد ذهبت إبله وخيله، وجاء "الكنيف"، أي الحظيرة والمأوى، فوجد أصحابه وقد سقطوا من الإعياء والشدة، فندب منهم رهطا، فنحر لهم بعيرا، وحملوا سلاحهم على بعير آخر، وقدد لهم بعيرا، فوزعه بينهم. وخرج بهم غازيا يلتمس الرزق. وهو يقول لهم: إن أصبنا رغبة فذلك الذي نريد، وإن رجعنا خائبين، كنا معذورين. قد أدينا ما علينا، ولن نقعد عن الطلب. فهو يحثهم على الرزق والطلب، دون تفكير في نجاح أو فشل، فالحياة: نجاح وفشل، ومن فشل، عليه المواظبة حتى ينجح ويستعيد قواه، وذلك قوله:

وقلت لقوم في الكنيف تروحوا ... عشية بتنا عند ماوان رزح٢

إلى آخر الأبيات:

وهو يصف في أبيات حالة الفقير وما يلقى من ظلم، وحالة الغني وما يلقاه


١ ديوان عروة "٤٨"، شرح ديوان عروة "١٨١".
٢ ديوانه "٢٠، ٣٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>