للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد زعم أن "عبد الله بن جعفر بن أبي طالب"، قال لمعلم ولده: لا تروهم قصيدة عروة التي يقول فيها:

دعيني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير

ويقول: هذا يدعوهم إلى الاغتراب عن أوطانهم"١.

وهو يرى أن الموت خير للفتي من حياته فقيرا. وأن الأقارب إذا ضنواعليه ولم يساعدوه، فعليه بالرحيل عنهم، والتماس الفجاج فإنها عريضة، إذا ضاقت عليه السبل. وهو لا يترك إخوانه أبدا ما عاش، كما أن الإنسان لا يتمكن من ترك شرب الماء:

إذا المرء لم يبعث سواما ولم يرح ... عليه ولم تعطف عليه أقاربه

فللموت خير للفتى من حياته ... فقيرا ومن مولى تدب عقاربه

وسائله أين الرحيل وسائل ... ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه

مذاهبه أن الفجاج عريضة ... إذا ضن عنه بالفعال أقاربه

فلا أترك الإخوان ما عشت للردى ... كما أنه لا يترك الماء شاربه٢

وهو يحث على المخاطرة بالنفس، فإن القعود مع العيال قبيح، حث عليها في أبيات نسبت إليه، وقيل إنها ليست له، بل هي للنمر بن تولب، هذا نصها:

قالت تماضر إذ رأت مالي خوى ... وجفا الأقارب فالفؤاد قريح

ما لي رأيتك في الندى منكسا ... وصبا كأنك في النديّ نطيح

خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة ... إن القعود مع العيال قبيح

المال فيه مهابة وتجلة ... والفقر فيه مذلة وفضوح٣

والصعلوك الخامل، القعود الذي يعين نساء الحي، ولا يستعمل سيفه للحصول على رزقه، هو خليق أن يكون ممن يهان ويزدرى، والصعلوك العامل النشط،


١ ديوانه "٣".
٢ ديوانه "٢٩".
٣ ديوانه "٤٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>