للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الرجل الذي يستحق الحياة، ويصلح أن يكون أنموذجا للرجال، صحيفة وجهه كضوء شهاب القابس المتنور، مطلا على أعدائه، يهابونه ولا يستطيعون الاقتراب منه، إن لقي منيته لقيها حميدا، وإن عاش واستغنى فنعمة كبرى، ينفق منها على من يحتاج إليه من الناس١.

وتراه يقول في أبيات أخرى:

إذا آذاك مالك فامتهنه ... لجادية وإن قرع المراح

وإن أخنى عليك فلم تجده ... فنبت الأرض والماء القراح

فرغم العيش إلف فناء قوم ... وإن آسوك والموت الرواح٢

ومعناه: لاتبخل بمالك، ولا تحرص عليه، أعط منه السائل والمحروم والمحتاج، ولا تخش الفقر، فإن أخنى عليك، وقل مالك، وتركك الأصحاب فلا تيأس ولا تخنع لأحد، ولا تجزع، ففي الأرض رزق لكل أحد، ومتسع لكل نفس، وإن كان ذلك نبات الأرض وماؤها، ولا تهن نفسك، وتذل كرامتك، فتعيش على موائد غيرك، من اللؤماء الحقراء، فأكلك منهم، هو الموت الرواح، بل هو شر من الموت، فلا تقرب موائد أصحاب المنة، وإن آسوك وساعدوك، فمؤاساتهم كاذبة، عن مظاهر ونفاق.

وفي أبيات شعر، يذكر"عروة" "أصحاب الكنيف" والتواءهم عليه، وكيف تمردوا عليه، مع فضله عليهم، وإشراكه لهم في كل ما كان يكسبه ويغنمه، فيقول:

ألا إن أصحاب الكنيف وجدتهم ... كما الناس لما أخصبوا وتموّلوا

وإني لمدفوع إليّ ولاؤهم ... بماوان إذ نمشي وإذ نتملل

وإذ ما يريح الحي هرماء جونة ... ينوس عليها رحلها ما يحلل

موقعة الصفقين حدباء شارف ... تقيد أحيانا لديهم وترحل

عليها من الولدان ما قد رأيتم ... وتمشي بجنبيها أرامل عيل


١ ديوان عروة "٧٨ وما بعدها".
٢ ديوانه "٤٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>