للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان يقاربهم، ثم خرج إلى الشام فنزل على "آل جفنة" فأكرموه ووصلوه، وسأل الرهبان والأحبار، فدعوه إلى دينهم فامتنع، ثم خرج إلى مكة معتمرا، فبلغ "زيد بن عمرو بن نفيل" فكلمه، فكان يقول: "ليس أحد على دين إبراهيم إلا أنا وزيد بن عمرو بن نفيل" ولما قدم النبي إلى المدينة جاء إليه فقال: إلام تدعو؟ فذكر له شرائع الإسلام. فقال: ما أحسن هذا وأجمله! فلقيه "عبد الله بن أبي بن سلول"، فقال: لقد لذت من حزبنا كل ملاذ، تارة تحالف قريشا، وتارة تتبع محمدا. فقال: لا جرم لأتبعنه إلى آخر الناس. وقد اختلف في إسلامه، والأغلب أنه لم يسلم١. وذكر أنه كاد أن يسلم، لما اجتمع برسول الله، ولكن كلام "عبد الله بن أبي" أثر عليه، فقال: والله لا أسلم سنة. ثم انصرف إلى منزله، حتى مات قبل الحول، وذلك في ذي الحجة على رأس عشرة أشهر من الهجرة٢.

وفي سيرة "ابن هشام" قصيدة نسبت إلى "أبي قيس بن الأسلت" زعم أنه وجهها لقريش ينهى فيها عن الحرب ويأمرهم بالكف بعضهم عن بعض، ويذكر فضلهم وأحلامهم، ويأمرهم بالكف عن رسول الله، ويذكرهم بلاء الله عندهم ودفعه عنهم الغيل وكيده عنهم. وأول القصيدة:

يا راكبا أما عرضت فبلغن ... مغلغلة عني لؤي بن غالب

رسول امرئ قد راعه ذات بينكم ... على النائي مخزون بذلك ناصب٣

وهو من أصحاب المذهبات، ومطلع مذهبته:

قالت ولم تقصد لقول الخنى ... مهلا فقد أبلغت أسماعي٤

ونسب له قوله:

ولو شا ربنا كنا يهودا ... وما دين اليهود بذي شكول


١ الإصابة "٤/ ١٦٠ وما بعدها"، "رقم ٩٤٤"، الاستيعاب "٤/ ١٥٩ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة"، ابن سلام، طبقات "٥٦".
٢ ابن سعد، طبقات "٤/ ٣٨٥".
٣ سيرة ابن هشام "١/ ١٨٠"، "حاشية على الروض".
٤ الأغاني "١٥/ ١٦٠"، الجمهرة "١٢٦"، زيدان، تأريخ آداب اللغة العربية "١/ ١٣٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>