للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو شا ربنا كنا نصارى ... مع الرهبان في جبل الجليل

ولكنا خلقنا إذ خلقنا ... حنيفا ديننا عن كل جيل

نسوق الهدي ترسف مذعنات ... تكشف عن مناكبها الجلول١

وكان "أبو قيس بن الأسلت" الأنصاري يهاجي "حسان بن ثابت". وهو من الأوس، وحسان من الخزرج، فكانا يتهاجيان. وكان بين الحيين هجاء، فكان شعراء كل حي، يهاجون شعراء الحي الثاني، عصبية، لما كان بينهما من تحاسد وتنافر٢.

والأسلت لقب "عامر بن جشم بن وائل بن يزيد" والد الشاعر المتقدم من الأوس، وهو شاعر من شعراء الجاهلية، وكانت الأوس قد أسندت أمرها في يوم "بعاث" إلى "أبي قيس بن الأسلت"، فقام في حربهم وآثرها على كل أمر آخر، حتى أنهكته وشحب لونه. وقال "ابن حجر" إن اسم "أبي قيس ابن الأسلت" "صيفي"، وقيل "الحارث"، وقيل "عبد الله"، وقيل "صرفة"، وقيل غير ذلك. واختلف في إسلامه. فمنهم من صيره مسلما، وجعله في عداد الصحابة، ومنهم من جعله متألها حنيفا على دين إبراهيم، وكان يقول: ليس أحد على دين إبراهيم إلا أنا وزيد بن عمرو بن نفيل، ومنهم من زعم أنه قال: والله لا أسلم إلى سنة، فمات قبل الحول على رأس عشرة أشهر من الهجرة بشهرين، وذكر أنه هرب إلى مكة فأقام بها مع قريش إلى عام الفتح٣. وللعصبية دور في هذه الروايات، ترد في رجال آخرين من أهل يثرب ومن أهل مكة، تقدم روايات منها رجالا في الإسلام، وتؤخرهم أخرى، وتنفي عنهم بعضها الدخول في دين الله، لما لهذا التأخير أو التقديم، أو البقاء على الشرك من أهمية كبيرة بالنسبة لهم في ذلك الوقت.

وذكر أن "أبا قيس بن الأسلت" كان يعدل بـ "قيس بن الخطيم" في الشجاعة والشعر٤. وقيس بن الخطيم، شاعر فارس من الأوس. معدود من


١ ابن سعد، طبقات "٤/ ٣٨٥".
٢ الخزانة "٤/ ٦٨"، "بولاق".
٣ الخزانة "٢/ ٤٧ وما بعدها"، "بولاق".
٤ الإصابة "٤/ ١٦١"، "رقم ٩٤٤"، "واسم الأسلت عامر فهو لقب له"، تاج العروس "١/ ٥٤٤"، "سلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>