للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تفصل يثرب عن الحيرة، ولكثرة ما كان يفد من الشعراء على آل لخم، وفيهم من هو أشعر من حسان، وأكثر منه مكانة في الشعر بين العرب، دخل في انصرافه إلى مدح آل غسان وذهابه في الأكثر إليهم طلبا للمال في مقابل مدحه لهم.

ويروى عن "حسان" أن السعالى نصحته بمدارسة الشعر، فقد روي عنه أنه قال: "خرجت أريد عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني، فلما كنت في بعض الطريق وقفت على السعلاة صاحبة النابغة، وأخت المعلاة صاحبة "علقمة بن عبدة"، فقالت وإني مقترحة عليك بيتا، فإن أنت أجزته شفعت لك إلى أختي، وإن لم تجزه قتلتك. فقلت هات. فقالت:

إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فما إن يقال هل من هوه

قالك فتبعتها من ساعتي، فقلت:

فن لم يسد قبل شد الإزار ... فذلك فينا الذي لا هوه

ولي صاحب من بني الشييصبان ... فحينا أقول وحينا هوه

فقالت: أولى لك، نجوت، فاسمع مقالتي واحفظها عليك بمدارسة الشعر، فإنه أشرف الآداب وأكرمها وأنورها، به يسخو الرجل، وبه يتظرف، وبه يجالس الملوك، وبه يخدم، وبتركه يتصنع. ثم قالت: إنك إذا وردت على الملك وجدت عنده النابغة، وسأصرف عنك معرته، وعلقمة بن عبدة، وسأكلم المعلاة حتى ترد عنك سورته. قال حسان فقدمت على عمرو بن الحارث فاعتاض عليّ الوصول إليه فقلت للحاجب، بعد مدة: إن أذنت لي عليه، وإلا هجوت اليمن كلها. ثم انتقلت عنها. فأذن لي عليه، فلما وقفت بين يديه وجدت النابغة جالسا عن يمينه، وعلقمة جالسا عن يساره، فقال لي: يا ابن الفريعة، قد عرفت عيصك ونسبك في غسان، فارجع فإني باعث إليك بصلة سنية، ولا أحتاج إلى الشعر، فإني أخاف عليك هذين السبعين أن يفضحاك، وفضيحتك فضيحتي، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول:

رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيّون بالريحان يوم السباسب

فقلت: لا بد منه. فقال: ذاك إلى عميك فقلت: أسألكما بحق الملك،

<<  <  ج: ص:  >  >>