للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: إلا ما قدمتناني عليكما؟ فقالا: قد فعلنا، هات، فأنشأت أقول والقلب وجل:

أسألت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابي فالبضيع فحومل

حتى أتيت على آخرها. فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل عن مجلسه سرورا حتى شاطر البيت، وهو يقول: هذه والله البتارة التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعلّلاني به منذ اليوم. يا غلام ألف دينار مرجوحة، فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير. ثم قال: لك علي مثلها في كل سنة. ثم أقبل النابغة فقال: قم يا زياد بني ذبيان فهات الثناء المسجوع، فقام النابغة فقال:

ألا انعم صباحا أيها الملك المبارك، السماء غطاؤك، والأرض وطاؤك، ووالدي فداؤك، والعرب وقاؤك، والعجم حماؤك، والحكماء وزراؤك، والعلماء جلساؤك، والمقاول سُمّارك، والعقل شعارك، والحلم دثارك، والصدق رداؤك، واليُمن حذاؤك، والبر فراشك، وأشرف الآباء آباؤك، وأطهر الأمهات أمهاتك، وأفخر الشبان أبناؤك، وأعف النساء حلائلك، وأعلى البنيات بنياتك، وأكرم الأجداد أجدادك، وأفضل الأخوال أخوالك، وأنزه الحدائق حدائقك، وأعذب المياه مياهك، وحالف الاضريح عاتقك، ولاءم المسك مسكك، وجاور العنبر تراتبك، العسجد قواريرك، واللجين صحائفك، والشهد إدامك، والخرطوم شرابك، والأبكار مستراحك، والعبير بنواسك، والخير بفنائك، والشر في ساحة أعدائك، والذهب عطاؤك، وألف دينار مرجوحة إيماؤك، وألف دينار مرهوجة إيتاؤك، والنصر منوط بلوائك، زين قولك فعلك، وطحطح عدوك غضبك، وهزم مقانبهم مشهدك. وسار في الناس عدلك، وسكَّن تباريح البلاد ظفرك. أيفاخرك ابن المنذر اللخمي؟ فوالله لقفاك خير من وجهه، ولشمالك خير من يمينه، ولصمتك خير من كلامه. ولأمك خير من أبيه، ولخدمك خير من علية قومه. فهب لي أساري قومي، واسترهن بذلك شكري، فإنك من أشراف قحطان وأنا من سروات عدنان.

فرفع عمرو بن الحارث رأسه إلى جارية كانت على رأسه قائمة، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>