للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعره، وحبذه إلى الخليفة، الذي كان شاعرا يحب الخمر، وينظم الشعر فيها، مما صار بابا من أبواب الخمريات في الشعر الإسلامي١. ومن شعره قوله:

أيها القلب تعلل بددن ... إن همي في سماع وأذن٢

ومن الشعراء النصارى الذين نص أهل الأخبار على تنصرهم: "موسى بن جابر بن أرقم بن سلمة بن عبيد" الحنفي اليمامي، المعروف بـ "أزيرق اليمامة"، وبابن ليلى، وهي أمه، وكان نصرانيا. قال عنه "المرزباني" إنه شاعر كثير الشعر، وقد أورد له نتفا من شعره٣، ويمتاز ما ذكره بالبساطة والسهولة والليونة وهو يختلف بأسلوبه عن شعر الأعراب.

أما "الأعشى"، وقد تحدثت عنه، فهو من اليمامة، وقد كان معظم أهل اليمامة على النصرانية عند ظهور الإسلام، ولذلك فقد يكون على النصرانية، غير أننا لا نستطيع أن نأتي بدليل مقبول يثبت تنصره، وقد رأينا أن أهل الأخبار كانوا قد جعلوه في عداد "القدرية" و"أهل العدل"، زعموا أنه أخذها من "الحيرة"، وكانوا عبادا، وكان يزورهم بشرب الخمر عندهم، كما كان راويته "يحيى بن متى" نصرانيا، ولكن النصرانية لا تعني القدرية، وكون راويته نصرانيا، لا يعني أنه كان نفسه نصرانيا، وأما ما جاء في شعره من قصص وأمور معروفة عند النصارى، فلا يكون دليلا على تنصره، فقد وردت مثل هذه الأمور في شعر غيره، ولم ينص أحد على تنصرهم، ثم إن شعره لا ينم على تعمق في نصرانية٤، ولكني لا أريد أن أثبت أنه كان وثنيا، فوثنية الأعشى أو نصرانيته تخصه وحده، وأنا لا أريد أن أنقص عدد النصارى، وأن أزيد في عدد الوثنيين، وإنما هو رأي واستنتاج ليس غير.

ومن شعره الذي تطرق فيه إلى أمور نصرانية قوله:

فما أيبلى على هيكل ... بناه وصلب فيه وصارا


١ بروكلمان "١/ ١٢٥".
٢ أمالي المرتضى "١/ ٣٣".
٣ المعجم "٢٨٥"، "فراج"، شرح الحماسة، للمرزوقي "٣٢٦"، "عبد السلام محمد هارون"، الأغاني "١٠/ ١١٣"، الخزانة "١/ ١٢٦".
٤ G. Graf, Geschichte der Christlichen Arabischen Literatur, I, S. ٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>