للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي الشريف "المرتضى" إلا أن يجعله على مذاهب أهل العدل، أي على مثل ما ذهب إليه "المعتزلة" والشيعة الإمامية الاثنى عشرية في الإسلام. وعلل بعض أهل الأخبار سبب تحول الأعشى إلى القدرية، أنه كان يأتي أهل الحيرة في الجاهلية، وكانوا نصارى، يأتيهم يشتري منهم الخمر، فلقنوه ذلك٢. ورد في كتاب "الأغاني": "قال لي يحيى بن متى راوية الأعشى وكان نصرانيا عباديا، وكان معمرا، قال: كان الأعشى قدريا، وكان لبيد مثبتا. قال لبيد:

من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضل

وقال الأعشى:

استأثر الله بالوفاء وبالعدل ... وولى الملامة الرجلا

قلت: فمن أين أخذ الأعشى مذهبه؟ قال: من قبل العباديين نصارى الحيرة، وكان يأتيهم يشتري منهم الخمر، فلقنوه ذلك"٣.

والبيت المذكور هو من قصيدة مدح فيها "سلامة ذا فائش" مطلعها:

إن محلا وإن مرتحلا ... وإن في السفر ما مضى مهلا

استأثر الله بالوفاء وبالـ ... ـعدل وولى الملامة الرجلا٤

شك في صحتها "ابن قتيبة"، فقال: "وهذا الشعر منحول"٥، والصنعة في الواقع بينة على القصيدة، وإذا كان الأمر كذلك، فيجب أن يكون القدري صاحبها، ذلك الرجل الذي نحلها الأعشى، لا الشاعر الأعشى.

ويذكر أهل الأخبار أن الأعشى كان ممن أقر بالملكين الكاتبين في شعره، إذ يقول:


١ أمالي المرتضى "١/ ٢١"، "دار الكتاب العربي".
٢ الأغاني "٨/ ٧٦".
٣ الأغاني "٨/ ٧٩".
٤ "وبالحمد"، ديوان الأعشى، القصيدة رقم "٣٥"، "ص٢٢٣"، ابن قتيبة، الشعر "١/ ١٥".
٥ ابن قتيبة، الشعر "١/ ١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>