للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أنشده:

ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

فاستحسنه الرسول وقال: "لا يفضض الله فاك". وذكر أن كلمة النابغة هذه قصيد مطول نحو مائتي بيت أوله:

خليلي غضا ساعة وتهجرا ... ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا

وهو من أحسن ما قيل من الشعر في الفخر بالشجاعة سباطة ونقاوة وجزالة وحلاوة١. وقد تعرض فيها بأمور الجاهلية والإسلام.

وأسلم وحسن إسلامه وكان يرد على الخلفاء ورد على عمر ثم على "عثمان".

ويظهر أن القصيدة قد طولت على "النابغة" فيما بعد، وأنها لم تكن على هذا النحو من الطول لما أنشدها على الرسول. وقد روى بعض العلماء منها أربعة وعشرين بيتا٢، لعلها هي الأبيات التي أنشدها أمام النبي.

وذكر أنه كان بالبصرة، فرعت "بنو عامر" في الزرع، فبعث "أبو موسى" الأشعري في طلبهم، فتصارخوا يا آل عامر! فخرج النابغة الجعدي ومعه عصبة له. فضربه أسواطا. فقال النابغة في ذلك:

رأيت البكر بكر بني ثمود ... وأنت أراك بكر الأشعرينا

فإن تك لابن عفان أمينا ... فلم يبعث بك البر الأمينا

فيا قبر النبي وصاحبيه ... ألا يا غوثنا لو تسمعونا

ألا صلى إلهكم عليكم ... ولا صلى على الأمراء فينا٣

وقد مدح "النابغة" الجعدي عبد الله بن الزبير، ويظهر أنه كان في ضيق. وعسر، إذ يقول فيها:


١ الاستيعاب "٣/ ٥٥٥ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة"، وتجد أبياتا منها في الاستيعاب، الأغاني "٥/ ٨".
٢ الإصابة "٣/ ٥١٠"، "رقم ٨٦٤١".
٣ الاستيعاب "٣/ ٥٥٦ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>