للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لكعب ابن يقال له: "عقبة بن كعب"، شاعر، وولد لعقبة العوام، وهو شاعر كذلك١. فنحن إذن أمام بيت توارث نظم الشعر.

وقد جمع علماء الشعر شعر "كعب" في ديوان، كما شرحوا وفسروا قصيدة "بانت سعاد" التي نالت عندهم مكانة كبيرة، لأنها قيلت في مدح الرسول، ولتقدير الرسول لها وإعطائه البردة، تقديرا لقيمتها، حتى عرفت بقصيدة البردة، فصارت من أشهر أشعار العرب، التي يتغنى بها في المناسبات، حتى تفنن المغنون في غنائها، وخلدت اسم الشاعر حتى اليوم. وقد ترجمت إلى عدة لغات أعجمية. وشطرت وخمست، لما صار لها من مكانة في أعين الشعراء٢.

ومن الشعراء المخضرمين: "العباس بن مرداس" من "بني سليم"، وأمه "الخنساء". أسلم قبل فتح مكة بيسير. ولما فرغ الرسول من رد سبايا "حنين" إلى أهلها، أعطى المؤلفة قلوبهم، وكانوا أشرافا يتألفهم ويتألف بهم قومهم، فأعطى أبا سفيان وابنه معاوية، وحكيم بن حزام، والحارث بن كلدة، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العُزَّى، وصفوان بن أمية، وكل هؤلاء من أشراف قريش، والأقرع بن حابس بن عنان بن محمد بن سفيان المجاشعي التميمي، وعيينة بن حصن الفزازي، ومالك بن عوف النصري، أعطى كل واحد من هؤلاء مائة بعير، وأعطى دون المائة رجالا من قريش، وأعطى العباس بن مرداس دون المائة، أو أباعر، فسخطها، وقام بين يدي الرسول يعاتبه، فقال:

أتجعل نهبي ونهب العبيـ ... ـد بين عيينة والأقرع

وأبياتا أخرى. فلما أنشد هذه الأبيات بين يديه، قال: "اقطعوا عني لسانه"، فأعطي حتى رضي. وقيل أعطي مائة٣.


١ الشعر والشعراء "١/ ٨٠ وما بعدها".
٢ للوقوف على التفاصيل المتعلقة بقصيدة البردة خاصة. وبشعر كعب، راجع بروكلمان، تأريخ الأدب العربي "١/ ١٥٦ وما بعدها"، وزيدان، تأريخ آداب اللغة العربية "١/ ١٨٣ وما بعدها"،ودائرة المعارف الإسلامية.
٣ الخزانة "١/ ٧٣ وما بعدها"، المرزباني، معجم "٢٦٢"، الشعر والشعراء "١/ ٢١٨"، "٢/ ٦٣٢ وما بعدها"، الطبري "٣/ ١٣٧"، اللآلي "٣٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>