للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم "حسانا" في هجاء "النجاشي" لتميم، فلما حكم "حسان" بإقذاعه في هجائه له حبس "النجاشي" عليه. وقد جمع "أبو سعيد" السكري شعر "تميم بن مقبل"١، وجمعه غيره من العلماء. وهو "تميم بن أبي بن مقبل". وقد اشتهر بوصف القداح، حتى جعل من أوصف العرب للقدح، ولذلك يقال: "قدح ابن مقبل"٢.

ويعد "تميم بن مقبل" من عوران قيس، وعددهم خمسة شعراء، هم: تميم بن مقبل، وعمرو بن أحمر الباهلي، والشماخ معقل بن ضرار، وراعي الإبل عبيد بن حصين التميري، وحميد بن ثور الهلالي٣. وهو من الجاهليين الذين أدركوا الإسلام، فأسلم، فهو من المخضرمين. وقد أدرك زمن معاوية، وكان هواه مثل هوى قبيلته مع "معاوية" على "علي". وكان عثمانيا له قصيدة في رثاء أهل الجاهلية، وكان يتذكر الجاهلية ويترحم على أيامها، ويحن إليها، ويرى أن الزمان قد تغير، وأن الأرض قد تغيرت، وتبدلت أخلاق الناس، فصار يرى نفسه غريبا في مجتمع غريب عنه، له مُثل تختلف عن مثل أهل الجاهلية، فصار يحن إلى أيام ما قبل الإسلام.

قيل لتميم بن مقبل: تبكي أهل الجاهلية وأنت مسلم: فقال:

وما لي لا أبكي الديار وأهلها ... وقد زارها زوار عك وحميرا

وجاء قطا الأحباب من كل جانب ... فوقّع في أعطافنا ثم طيّرا

وفي هذه القصيدة المؤلفة من خمسين بيتا، والمنشورة في ديوانه، والتي وردت بروايات مختلفة، حنين ظاهر إلى أيام الجاهلية، وتوجع بيّن للتغير الذي حدث فاجتث ذكريات الأيام القديمة، إذ باد أهلها، وتنكر الناس لها، وبرز من


١ ابن النديم، الفهرست "١٢٣".
٢ الشعر والشعراء "١/ ٣٣٦ وما بعدها"، الإصابة "١/ ١٩٥"، الخزانة "١/ ١١٣" طبقات ابن سلام "١٢٥".
٣ رسالة الغفران "٢٣٧"، الجمهرة "٢/ ٣٩٠"، المعارف "٢٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>