للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنطق في بعض الأحيان في فهم الحوادث من كتب المؤرخين.

والغريب أن المستشرقين الذين عُرفوا بجدّهم وبحرصهم على الإحاطة بكل ما يرد عن حادث، أهملوا مع ذلك شأن الموارد المذكورة، ولم يأخذوا منها إلا في القليل. ولو راجعوها، لكان ما جاءوا به عن الجاهلية أضعاف أضعاف ما جاءوا ما به وكتبوه، ولكانت بحوثهم أدق وأعمق مما هي عليه الآن.

وفي طليعة مَنْ اشتغل برواية أخبار ما قبل الإسلام: عبيد بن شَرْيَة، ووهب ابن منبه، ومحمد بن السائب الكلبي، وابنه أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وآخرون. وبعض هؤلاء مثل عبيد بن شَرْيَة وكعب الأحبار ووهب ابن منبه، قصاص أساطير، ورواة خرافات، وسمر مستمد من أساطير يهود، وأولئك وأمثالهم هم منبع الإسرائيليات في الإسلام.

فأما عبيد بن شَرْيَة، فقد كان من أهل صنعاء "في رواية" أو من سكان الرقة "في رواية أخرى"١. وكان معروفًا عند الناس بالقصص والأخبار؛ فطلبه معاوية، فصار يحدثه بأخبار الماضين٢، ومن الكتب المنسوبة إليه: كتاب الأمثال٣، وكتاب الملوك وأخبار الماضين، وقد طبع في ذيل "كتاب التيجان في ملوك حمير" المطبوع بحيدرآباد دكن بالهند بعنوان "أخبار عبيد بن شَرْيَة الجُرهمي في أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها"٤، وقد وضع الكتاب على الطريقة


١ الفهرست "ص١٣٨"، السجستاني: كتاب المعمرين "ص٤٠"، ياقوت: إرشاد "٥/ ١٠"و
Brockelmann, Bd., I, S., ٦٤, Suppl., Bd., I, S., ١٠٠
Von Kremer Sudarabische Sage, ١٦-٣٢, Muh. Stud., Bd., I, S., ١٨٣.
٢ "فأمر به معاوية، فأنزله في قربة، وأخدمه، وأمر من يجري وظيفته، ووسع عليه، وألطفه فإذا كان في وقت السمر فهو سميره في خاصّته من أهل بيته. وكان يقص عليه ليله، ويُذهب عنه همومه، وأنساه كل سمير كان قبله، ولم يخطر على قبله شيء قط إلا وجد عنده شيئًا وفرحًا ومرحًا، فإذا كان يحدثه وقائع العرب وأشعارها وأخبارها أمر أهل ديوانه أن يوقعوه ويدونوه في الكتب ... "، أخبار عبيد بن شَرْيَة الجرهمي في أخبار اليمن وأشعار وأنسابها "ص٣١٢ فما بعدها".
٣ "كتاب الأمثال نحو خمسين ورقة رأيته"، الفهرست "١٢٨"، إرشاد "١٢/ ١٩٠".
٤ طبع سنة ١٣٤٧هـ، ويرى المستشرق "كرنكو"، أن الجامع له ابن هشام، راجع ملحوظة ١ ص٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>