وهذا الحديث أيضًا لا ينزل عن درجة الحسن، وهو عند أبي داود والترمذي من طريق عبد الرزاق، عن بشر - بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. وبشر بن رافع ضعفه أحمد بن حنبل، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، و: ليس به بأس، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكرًا، ورواه البيهقي فِي كتاب "الآداب" - له - من طريق حجاج بن فرافصة، عن يحيى بن أبي كثير. وحجاج هذا؛ قال فيه يحيى بن معين: لا بأس به، وذكره ابن حبان فِي "الثقات"، وأثنى عليه أبو حاتم الرازي، فاعتضد الحديث برواية حجاج له، وخرج به عن الغرابة التي أشار إليها الترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن غر كريم"؛ أي: ليس بذي مكر، فهو ينخدع لانقياده ولينه، والمراد وصفه بعدم الفطنة للشر، وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلًا، ولكنه كرم، وحسن خلق، وكذلك أتبعه - صلى الله عليه وسلم - بالوصف بالكرم. وعكسه صفة الفاجر، يقال: رجل خب؛ أي: رجل خبيث، خداع، منكر، وأصل الكلمة من قوله: اج، واغتلمت أمواجه، فإن راكبه - حينئذ - يكون قريبًا إلى الهلاك، وكذلك من يصاحب الفاجر. • * قال الحافظ ابن حجر فِي "أجوبته": قلت: أخرجه أبو داود، والترمذي من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلَمة، عن أبي هريرة، قال الترمذي: "غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه". قلت: وهو عندهما من طريق بِشر بن رافع عن يحيى. وأخرجه الحاكم من طريق حجاج بن فُرافصة عن يحيى موصولًا وقال: اختُلِف فِي وصله وإرساله. قلت: وحجَّاج ضعّفوه، وبِشر بن رافع أضعف منه، ومع فِي ذلك لا يَتَّجه لحكم عليه بالوضع لفقد شرط الحكم فِي ذلك.