قلت: فلو كان موضوعا لم يسمعه البخاري، وإنما كتبه عن تلميذه الترمذي؛ لاستغرابه له، وسالم بن أبي حفصة وعطية العوفي كل منهما شيعي ضعيف، قال النسائي في سالم: ليس بثقة، وقال الفلاس: مفرط في التشيع، وعطية ضعفه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والنسائي، والجماعة، وتحسين الترمذي لهذا الحديث عجيب مع تفرد هذين به! ومما يدل على ضعفه ونكارته، أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يختص عن الأمة بشيء من الرخص فيما يقتضي تعظيم حرمات الله - تعالى - والقيام بإحلاله أصلًا، بل خصائصه المرخصة؟ إنما فيما يتعلق بالأمور الدنيوية كالزيادة على أربع في النكاح، ونحو ذلك، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يترخص عن الأمة باستحلال المسجد حالة الجنابة سوى حمله ذلك على اللبث فيه، أو المرور فيه؛ على اختلاف المذهبين. وقد أنكر صلى الله عليه وسلم على بعض الصحابة في كونه ميزه عن أمر ترخص فيه هو، وقالوا: يحل الله لنبيه ما شاء؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "والله إني لأخشاهم لله وأعلمهم بما أتقي"، فنفى صلى الله عليه وسلم عن نفسه أن يرخص عن الأمة بشيء مما يخل بالإجلال، والتعظيم، والله - سبحانه - أعلم. • * قال الحافظ ابن حجر في "أجوبته": أخرجه الترمذي من رواية عطية العَوْفي عن أبي سعيد الخدري، قال: "حسن غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه". وقال علي بن المنذر: قلت: لضرار بن صُرَد: ما معنى هذا الحديث؟ قال: لا يحلُ لأحد يستطرقه غيرهما، والسبب في ذلك أن بيته مجاور المسجد، وبابه من داخل المسجد كبيت النبي - صلى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ -. وقد ورد من طرق كثيرة صحيحة أن النبي - صلى اللْهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ - لمّا أمر بسدِّ الأبواب الشارعة في المسجد إلَّا باب علي فشق على بعض الصحابة فأجابهم بعذره في ذلك. وقد ورد ذلك في حديث طويل لابن عبّاس أخرجه أحمد والطبراني بسند جيد. ==