(أصلي في مبارك الإبل؟ )"المبارك" جمع "مبرك" وهو موضع بروك الجمل عند الماء أو في أي مكان، وفي رواية توضئوا من لحوم الإبل ولا تصلوا في مناخها" والمناخ بضم الميم المكان الذي تناخ فيه، وفي رواية "لا تصلوا في أعطان الإبل" و"الأعطان" جمع "عطن" وهو اسم لمبرك الإبل عند الماء، وفي رواية "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم ولا يصلي في مرابد الإبل والبقر" و"المرابد" جمع "مربد" بالدال، وهي الأماكن التي تحبس فيها الإبل وغيرها من البقر والغنم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: ذكر مسلم رحمه الله تعالى في هذا الباب الأحاديث الواردة بالوضوء مما مست النار، ثم عقبها بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مست النار، فكأنه يشير إلى أن الوضوء منسوخ. وهذه عادة مسلم وغيره من أئمة الحديث، يذكرون الأحاديث التي يرونها منسوخة، ثم يعقبونها بالناسخ.
ثم قال: وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم "توضئوا مما مست النار" فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار، وممن ذهب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وابن عمر وأنس وجابر بن سمرة، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وأبي بن كعب وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وعائشة -رضي الله عنهم أجمعين. وهؤلاء كلهم صحابة، وذهب إليه جماهير التابعين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحق وأبي ثور وأبي خيثمة رحمهم الله تعالى.
وذهبت طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي، وضوء الصلاة، بأكل ما مسته النار، وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري وأبي قلابة وأبي مجاز.
ثم قال: ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء بأكل ما مسته النار.
وقال: واحتج الجمهور بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار، وقد ذكر مسلم هنا منها جملة، وباقيها في كتب أئمة الحديث المشهورة. اهـ.
والجملة التي ذكرها مسلم هي الرواية الرابعة عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ"، والرواية الخامسة عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عرقا أو لحما، ثم صلى ولم يتوضأ، ولم يمس ماء" والرواية السادسة عن عمرو بن أمية الضمري قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة، فأكل منها، فدعى إلى الصلاة، فقام وطرح السكين، وصلى ولم يتوضأ" والرواية الثامنة عن ميمونة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عندها كتفا، ثم صلى ولم يتوضأ" والرواية التاسعة عن أبي رافع قال: أشهد لكنت أشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطن الشاة، ثم يصلي ولم يتوضأ" والرواية الحادية عشرة عن ابن