للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع عليه ثيابه، ثم خرج إلى الصلاة، فأتي بهدية -خبز ولحم- فأكل ثلاث لقم ثم صلى بالناس وما مس ماء" والرواية الثانية عشرة عن جابر بن سمرة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ".

ومما ذكر في غير مسلم ما رواه الطبراني بإسناد حسن من طريق سليمان بن عامر قال: "رأيت أبا بكر وعمر وعثمان أكلوا مما مست النار، ولم يتوضئوا" وما رواه ابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر قال "أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان خبزا ولحما، فصلوا ولم يتوضئوا" وما أخرجه الطحاوي عن ابن مسعود وعلقمة أنهما خرجا يريدان الصلاة، فجيء بقطعة من بيت علقمة، فيها ثريد، ولحم، فأكلا، فمضمض ابن مسعود، وغسل أصابعه ثم قام إلى الصلاة" وعن ابن مسعود قال "لأن أتوضأ من الكلمة المنتنة أحب إلي من أن أتوضأ من اللقمة الطيبة".

أما الأحاديث المقابلة الداعية إلى الوضوء مما مسته النار فمنها الرواية الأولى عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوضوء مما مست النار" والرواية الثانية عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "الوضوء مما مست النار" والرواية الثانية عن أبي هريرة قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: توضئوا مما مست النار" والرواية الثالثة عن عائشة قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضئوا مما مست النار".

ومما ذكر في غير مسلم، ما رواه الطحاوي عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل ثور أقط توضئوا منه" وما رواه الطحاوي والنسائي والطبراني عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "توضئوا مما غيرت النار" وما رواه الطحاوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضئوا مما غيرت النار ولو من ثور أقط" وما رواه الطحاوي عن سهل بن الحنفية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أكل لحما فليتوضأ".

ويجيب الجمهور عن هذه الأحاديث بتأويل الوضوء فيها بالوضوء اللغوي وليس الشرعي، أي النظافة وغسل الفم والكفين، وعلى فرض أن المراد بالوضوء الوضوء الاصطلاحي فإنه منسوخ بالأحاديث الأخرى الدالة على ترك الوضوء مما مسته النار، ولا يقال: إن النسخ يحتاج إلى ضبط التاريخ، وليس في مسلم ذكر للتاريخ، ولا ما يشير إليه، فقد ورد في الموطأ أن ترك الوضوء من ذلك كان بحنين، وهي متأخرة، كما روى أبو داود عن جابر قال "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار".

قال الحافظ ابن حجر نقلا عن ابن بطال: أمر صلى الله عليه وسلم بالوضوء مما مسته النار لأنهم كانوا ألفوا في الجاهلية قلة التنظيف، فأمروا بالوضوء منه فلما تقررت النظافة في الإسلام وشاعت نسخ. اهـ.

وقد جمع ابن تيمية بين هذه الأحاديث المتعارضة بحمل الأمر بالوضوء على الاستحباب، وحمل أحاديث الترك على أنه ليس بواجب، حيث قال: وهذه النصوص -يعني الأحاديث الدالة على ترك

<<  <  ج: ص:  >  >>