للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إبلا أو غير إبل، لأن الحق ذلك، وأن الصلاة مكروهة حيث يخاف على النفوس، وهذا موطن من مواطن الخوف على النفوس والتنصيص عليه لا يمنع من إلحاق غيره به، حيث توجد العلة.

ولا عبرة أيضا لقوله: إن النظر يقتضي عدم التفرقة بين مرابض الغنم وأعطان الإبل، لأنا رأينا حكم لحم الإبل كحكم لحم الغنم في طهارته، ورأينا حكم أبوالها كحكم أبوالها في طهارتها أو نجاستها، فالنظر يقتضي أن يكون حكم الصلاة في مواضع الإبل كحكمه في مواضع الغنم. اهـ. فإن ظاهر هذا القول معارضة الحديث الصحيح المصرح بالتفرقة.

ويصل بنا البحث إلى الكلام عن نجاسة أبوال الغنم والإبل أو طهارتها، وقد ذهب مالك إلى طهارة بول ما يؤكل لحمه، وبه قال أحمد ومحمد بن الحسن والإصطخري والروياني الشافعيان، وهو قول الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين والحكم والثوري.

وذهب أبو داود بن علية إلى أن بول كل حيوان طاهر، سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكوله، إلا بول الإنسان، فإنه نجس.

وذهب الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف وأبو ثور وكثيرون آخرون إلى أن الأبوال كلها نجسة إلا ما عفي عنه.

استدل القائلون بطهارته بما رواه البخاري وغيره في قصة العرنيين أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يشربوا من أبوال اللقاح وألبانها. قالوا: لو كانت أبوال الإبل نجسة لحرم شربها، ولما أمر به صلى الله عليه وسلم.

ويجيب المخالفون بأن ما في حديث العرنيين قد كان للضرورة، فليس فيه دليل على أنه يباح في غير حال الضرورة، لأن هناك أشياء أبيحت في الضرورات، ولم تبح في غيرها، كما في لبس الحرير، فإنه حرام على الرجال وقد أبيح لبسه في الحرب أو للحكة أو لشدة البرد إذا لم يجد غيره، وله أمثال كثيرة في الشرع.

ويحاول ابن بطال ومن يقول بطهارة بول وروث ما يؤكل لحمه أن يستدل على هذا الحكم بالرواية الثانية عشرة من روايات الباب. قالوا: لأن المرابض لا تسلم من البعر والبول، فدل على أنهم كانوا يباشرونها في صلواتهم، فلا تكون نجسة، ويجيب الشافعية ومن يقول بنجاسة الأبوال والأرواث باحتمال وجود الحائل، حينئذ، أو بعدم التيقن من وجود الأبوال والأرواث في مكان الصلاة. قال الحافظ ابن حجر: الأصل الطهارة، وعدم السلامة من الأبوال والأرواث في مرابض الغنم غالب، وإذا تعارض الأصل والغالب قدم الأصل. اهـ.

ومن أدلة الشافعية عموم حديث "استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب أهل القبر منه" وهو ظاهر في تناول جميع الأبوال، وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى الغائط، وطلب ثلاثة أحجار، فأتي بحجرين وروثة، أخذ الحجرين ورد الروثة وقال: هو رجس أي نجس، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>