للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أذانه، وإذا تكلم فيه لمصلحة أو لغير مصلحة لم يبطل أذانه إن كان يسيرا؛ لأنه ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم تكلم في الخطبة، فالأذان أولى ألا يبطل، وإن طال الكلام أو سكت سكوتا طويلا أو نام أو أغمى عليه في الأذان فالأرجح وجوب الاستئناف.

وأما إذا تكلم أثناء الإقامة فمذهب الشافعية أنه لا يضر اليسير، وعن الزهري: تبطل إقامته، ودليلنا أنه لم تبطل الخطبة، وهي شرط لصحة الصلاة، فالإقامة أولى.

ولو زاد في الأذان ذكرا، أو زاد في عدد كلماته لم يبطل أذانه إذا لم يؤد إلى اشتباه الأذان بغيره عند السامعين.

والمستحب أن يترسل في الأذان، أي يرتل ويتأنى في كلماته ولا يتعجل، وأن يدرج في الإقامة أي يصل كلماتها بعضها ببعض، بدون مهلة بينها، لأن الأذان للغائبين، فكان الترسل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين، فكان الإدراج فيها أحسن.

ويستحب أن يقف المؤذن على أواخر الكلمات في الأذان، لأنه روي موقوفا. قال الهروي: وعوام الناس يقولون [الله أكبر] بضم الراء وكان أبو العباس المبرد يفتح الراء، فيقول [الله أكبر الله أكبر] الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، قال لأن الأذان سمع موقوفا، كقوله [حي على الصلاة. حي على الفلاح] فكان الأصل أن يقول [الله أكبر. الله أكبر] بإسكان الراء، فحركت فتحة الألف من اسم الله تعالى في اللفظة الثانية لسكون الراء قبلها، ففتحت كقوله تعالى: {ألم* الله لا إله إلا هو} [آل عمران: ١ - ٢] وقال صاحب التتمة: يجمع كل تكبيرتين بصوت، لأنه خفيف، وأما باقي الكلمات فيفرد كل كلمة بصوت، وفي الإقامة يجمع كل كلمتين بصوت والله أعلم.

ويكره التمطيط والتمديد الزائد، ويكره تفخيم ألفاظه والتشدق فيه وحكاية كلام الجبابرة والمتكبرين والمتفيقهين، وينبغي أن يكون صوته بتحزين وترقيق، ليس فيه جفاء كلام الأعراب، ولا لين كلام المتماونين.

ولو أذن بلغة أجنبية كالفارسية والإنجليزية، فإن كان أذانه لنفسه وهو يحسن العربية لم يجزئه، كأذكار الصلاة، وإن كان لا يحسنها أجزأه وعليه أن يتعلمها وإن أذن لجماعة، فإن كان فيهم من يحسن العربية لم يجزئه فإن لم يكن صح.

ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل، لأنه عبادة، والمجنون وغير المسلم ليسا من أهل العبادة، وأما أذان السكران فإن كان في أول النشوة صح، وإلا فلا يصح على المشهور.

ويصح أذان الصبي المميز كما تصح إمامته، لأنه من أهل العبادات لأنه يقبل خبره فيما طريقه المشاهدة. هذا هو المذهب عند الشافعية، وبه قال مالك وأحمد ومذهب أبي حنيفة وداود أن أذان الصبي لا يصح. لكن القائلين بصحته يقولون بكراهته لجماعة الرجال، لأنه يخاف غلطه ولأن فيه تغريرا بالسامعين وإيهاما أنه ليس بأذان، وأنه من عبث الصبيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>