للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويستحب أن يكون المؤذن عدلا، يصون دينه ومروءته، لأنه أمين على المواقيت، ولأنه يقف على مكان عال، فإن لم يكن أمينا لم يؤمن أن ينظر إلى العورات فإن أذن فاسق صح أذانه وهو مكروه، قال الشافعية: وإنما يصح أذانه في تحصيل وظيفة الأذان، ولا يجوز تقليده وقبول خبره في دخول الوقت، لأن خبره غير مقبول.

وأن يكون عارفا بالمواقيت، ويشترط هذا فيمن يولى ويرتب للأذان أما من يؤذن لنفسه، أو يؤذن لجماعة مرة فلا يشترط معرفته بمواقيت الصلاة، بل إذا علم دخول وقت الأذان لتلك الصلاة صح أذانه لها، بدليل صحة أذان الأعمى وسيأتي الكلام عنه بالتفصيل في شرح الحديث التالي.

ويستحب أن يكون على طهارة، فإن أذن وهو محدث أو جنب أو أقام الصلاة وهو محدث أو جنب صح أذانه وإقامته، لكنه مكروه باتفاق، والكراهة في الجنب أشد منها في المحدث، وفي الإقامة أغلظ منها في الأذان، هذا مذهب الشافعية، وبه قال الحسن البصري وقتادة وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور وداود وابن المنذر.

وقالت طائفة منهم عطاء ومجاهد والأوزاعي وإسحاق: لا يصح أذانه ولا إقامته.

وقال مالك: يصح الأذان، ولا يقيم إلا متوضئا. وأصح ما يحتج به في المسألة حديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي، فقال: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" أو قال "على طهارة" حديث صحيح، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحة.

لكنه إن دل فإنما يدل على الكراهة، لا على عدم الصحة، وأما ما رواه الترمذي عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يؤذن إلا متوضو" فقد قال الحافظ أنه موقوف على أبي هريرة، ومنقطع، لأن الزهري لم يدرك أبا هريرة.

ويستحب أن يؤذن على مكان عال من منارة أو غيرها، لأنه أبلغ في الإعلام، ولا يستحب في الإقامة أن تكون على موضع عال إلا إذا كان المسجد كبيرا، تدعو الحاجة فيه إلى العلو للإعلام [والأذان والإقامة في مكبر الصوت في هذه الأيام يغني عن المكان العالي].

والسنة أن يؤذن قائما مستقبل القبلة، فلو أذن قاعدا أو مضطجعا أو إلى غير القبلة كره وصح أذانه، لأن المقصود الإعلام، وقد حصل. وقد سبق شرح هذه النقطة بالتفصيل في الحديث السابق فلتراجع.

والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينا وشمالا ولا يستدبر.

والمستحب عند الشافعية وأحمد أن يكون المقيم هو المؤذن، لأن زياد بن الحارث الصدائي أذن، فجاء بلال ليقيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم".

رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وفي إسناده ضعف، وذهب مالك وأكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>