للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأمر صلى الله عليه وسلم، وإنه استأذنه في الإقامة فمنعه إلى أن طلع الفجر فأمره فأقام" قال الحافظ ابن حجر: لكن في إسناده ضعف، وأيضا فهي واقعة عين، وكانت في سفر، ومن ثم قال القرطبي: إنه [أي عدم الاكتفاء] مذهب واضح، غير أن العمل المنقول بالمدينة على خلافه. اهـ.

وذهب ابن خزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث إلى عدم الاكتفاء، وبه قال الغزالي في الإحياء، وادعى بعضهم أنه لم يرد في شيء من الحديث ما يدل على الاكتفاء.

أما النووي وأبو حنيفة ومحمد فقد قالوا: لا يجوز الأذان قبل الفجر واستدلوا بما رواه أبو داود والبيهقي أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي: "ألا إن العبد قد نام. ألا إن العبد قد نام" أي غلب النوم على عينيه فمنعه من تبين الفجر، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك ليعلم الناس، لئلا ينزعجوا من نومهم.

قالوا: وقياسا على بقية الأوقات، وقالوا: إن الأذان الشرعي مقصود به الإعلام بدخول وقت الصلاة، والأذان قبل الوقت يتعارض مع المقصود من الأذان.

وأجاب الجمهور عن الحديث بأنه ضعيف، وعلى فرض صحته فهو محمول على أن ذلك كان قبل مشروعية الأذان الأول، فإن بلالا كان المؤذن الأول ثم اتخذ ابن أم مكتوم بعد ذلك مؤذنا معه، فكان بلال يؤذن يرجع القائم، ويوقظ النائم، فإذا طلع الفجر أذن ابن أم مكتوم، ولا يقاس الفجر على غيره، لأنه يأتي غالبا بعد نوم، فناسب أن ينصب من يوقظ الناس قبل دخول وقتها، ليتأهبوا فيغتسل الجنب، ويتسحر الصائم، وليس ذلك في بقية الأوقات، ثم إنه لا قياس مع النص، وحديث "إن بلالا يؤذن بليل" صحيح لا مطعن فيه.

وأما قولهم: إن الأذان للإعلام بدخول الوقت، فالجواب عنه أن الإعلام بالوقت أعم من أن يكون إعلاما بأنه دخل، أو أنه قارب أن يدخل. والله أعلم.

وأما ما ادعاه بعض الحنفية، وحكاه السروجي منهم، من أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان، وإنما كان تذكيرا أو تسحيرا، كما يقع للناس اليوم فقد قال عنه الحافظ ابن حجر: هذا مردود، فقد تضافرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان، فحمله على معناه الشرعي مقدم، ولأن الأذان الأول لو كان بألفاظ مخصوصة لما التبس على السامعين، وسياق الخبر أنه خشى عليهم الالتباس، أما ما يفعله الناس اليوم فهو محدث قطعا.

وذهب ابن القطان إلى أن الأذان قبل الفجر كان في رمضان خاصة، وفيه نظر، فقد قال مالك: لم يزل أذان الفجر عندنا بليل، وقال الزرقاني: قال الكرخي من الحنفية: كان أبو يوسف يقول بقول أبي حنيفة [لا يؤذن للفجر قبل الوقت] حتى أتى المدينة، وعلم أن الأذان قبل الفجر على طول أيام السنة هو عملهم المتصل، فرجع إلى قول مالك. والله أعلم.

-[ويؤخذ من الحديث]-

١ - مشروعية اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد، قال الشافعية: فإذا احتاج إلى أكثر من مؤذنين اتخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>