للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السجود، ولا في الرفع منه، وقد جاء ذلك صريحا في رواية للبخاري، ولفظها "ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود".

(وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك) فاعل "حدث" مالك بن الحويرث، والجملة حالية، وليست معطوفة على "رأى" فيبقى فاعله "أبو قلابة" فيصير مرسلا، وليس الأمر كذلك، والتقدير: رأى أبو قلابة مالك بن الحويرث يفعل كذا وكذا محدثا مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.

(حتى يحاذي بهما فروع أذنيه) أي أعلاهما.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، واختلفوا في رفع اليدين فيما سواهما، فقال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم: يستحب رفعهما أيضا عند الركوع، وعند الرفع منه، وهو رواية عن مالك، وحديث الباب برواياته الأربع تؤيد هذا الرأي.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة إلى إنه لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام، وهو أشهر الروايات عن مالك. اهـ بل بالغ بعضهم، فقال: إن الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه يبطل الصلاة، ونسب بعض متأخري المغاربة فاعله إلى البدعة، ولهذا مال بعض محققيهم إلى تركه، درءا لهذه المفسدة.

واحتجوا بما رواه أبو داود عن البراء بن عازب قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى يكون إبهاماه قريبا من شحمتي أذنيه، ثم لا يعود "وقالوا عن أحاديث الباب": إنها محمولة على أنه كان في ابتداء الإسلام، علامة للاستسلام، لقرب عهدهم بالجاهلية فلما أنسوا واطمأنت قلوبهم خفف، وأبقى في أول الصلاة، علامة للدخول فيها لمن يسمع التكبير، واستدلوا على ذلك بأن عبد الله بن الزبير رأى رجلا يرفع يديه في الصلاة عند الركوع، وعند رفع رأسه من الركوع فقال له: لا تفعل، فإن هذا شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركه، وأيدوا النسخ بما رواه الطحاوي عن مجاهد قال "صليت خلف ابن عمر، فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة، قال الطحاوي: فهذا ابن عمر قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع [كما روي في روايتنا الثانية] ثم ترك هو الرفع بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخ ما قد كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعله.

ورد الجمهور بأن أكثر الرواة عن البراء بن عازب لم يذكروا "ثم لا يعود" قال الخطابي: لم يقل واحد في هذا "ثم لا يعود" غير شريك، وقال أبو عمر: تفرد به يزيد، ورواه عنه الحفاظ فلم يذكر واحد منهم قوله "ثم لا يعود" وقال البزار: لا يصح حديث يزيد في رفع اليدين "ثم لا يعود" وقال أحمد: هذا حديث واه، وقد كان يزيد يحدث به لا يذكر "ثم لا يعود" ثم كان يغير في آخر حياته فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>