(غير تمام) خبر ثان لقوله "فهي خداج" أو خبر لمبتدأ محذوف، والجملة تفسير لما قبلها، أو تأكيد.
(اقرأ في نفسك) معناها اقرأها سرا بحيث تسمع نفسك، وحمل ذلك على التدبر غير سليم، لأن القراءة لا تطلق إلا على حركة اللسان، وسيأتي مزيد إيضاح لذلك في فقه الحديث.
(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) قال النووي قال العلماء المراد بالصلاة هنا الفاتحة. سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها، كقوله صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة". اهـ. ففي الكلام مجاز مرسل من إطلاق الكل وإرادة الجزء.
(نصفين) المراد المناصفة من حيث المعنى والمدلول، فجزؤها الأول تحميد لله تعالى وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه. وشقها الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار، وليس المراد قسمة الكلمات، لأن الشطر الأخير يزيد على الأول من جهة الألفاظ والحروف.
(حمدني عبدي، أثنى علي عبدي، مجدني عبدي) في القاموس حمده كسمعه، وفي الألفاظ الثلاثة (الحمد والثناء والتمجيد) قال القاضي عياض: الحمد الثناء بصفات الأفعال، والتمجيد الثناء بصفات الجلال، والثناء يكون بهما، ولذا جاء الثناء مع "الرحمن الرحيم" لاشتمال الاسمين على صفة الذات من الرحمة، مدلول الرحمن، ولذا اختص به تبارك وتعالى، فلا يتصف به غيره وذلك نهاية العظمة، فالرحمن صفة الجلال، وصفة الفعل مدلول الرحيم، لأن الرحيم هو العائد برحمته على عباده، ووجه مطابقة التمجيد؛ لقوله:{مالك يوم الدين} أن الله تعالى هو المنفرد بالملك ذلك اليوم، وبجزاء العباد وحسابهم (والدين الحساب، وقيل: الجزاء) ولا دعوى لأحد ذلك اليوم، ولا تجاز، وأما في الدنيا فلبعض العباد ملك مجازي، ويدعي بعضهم دعوى باطلة، وهذا كله ينقطع في ذلك اليوم، وهذا معناه، وإلا فالله سبحانه وتعالى هو الملك والمالك على الحقيقة للدارين، وما فيهما ومن فيهما، وكل من سواه مربوب له، وعبد مسخر، ففي هذا الاعتراف من التعظيم والتمجيد وتفويض الأمر ما لا يخفى. اهـ.
(وقال مرة: فوض إلي عبدي) وفي رواية "وربما قال: فوض إلي عبدي" قال القرطبي: أي يقول هذا، ويقول هذا (أي يقول مرة: مجدني عبدي، ويقول مرة: فوض إلي عبدي) غير أن قوله "فوض إلي عبدي" قليلا يقال. فليست الصيغة شكا فيما يقول.
(فإذا قال {إياك نعبد وإياك نستعين} قال: هذا بيني وبين عبدي) فالجملة الأولى ثناء وخضوع، والجملة الثانية طلب وسؤال ودعاء.
(فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه لكم، وما أخفاه أخفيناه لكم) أي ما جهر به بالقراءة جهرنا به، وما أسر به أسررنا به، وقيل: معناه ما عين لنا كالفاتحة عيناه لكم، وما لم يعينه كغيرها لم نعينه لكم، والأول أظهر وأصح.