(في كل الصلاة يقرأ) بضم الياء، مبني للمجهول، ورواية البخاري "في كل صلاة يقرأ".
(وإن انتهيت إليها أجزأت عنك) أي كفت عنك.
(صلاة الظهر أو العصر) شك من الراوي، وجاءت الرواية الحادية عشرة بالظهر، بدون شك، وهي كذلك في أكثر الطرق.
(وقد علمت أن بعضكم خالجنيها) أي نازعنيها، كأنه ينزعها من لسانه كما قال في رواية "ما لي أنازع القرآن"؟ .
-[فقه الحديث]-
اختلف العلماء في هذا الموضوع اختلافا متشعبا، فمنهم من لم يوجب القراءة في الصلاة مطلقا، ومنهم من أوجبها، ومن أوجبها منهم من عين الفاتحة ولم يقبل بدلها، ومنهم من أجاز قراءة غير الفاتحة، ومن أوجب القراءة منهم من أوجبها في جميع الركعات، ومنهم من أوجبها في الأوليين فقط إذا كانت رباعية أو ثلاثية، ثم منهم من أوجبها على الإمام والمأموم والمنفرد، ومنهم من أوجبها على المنفرد والإمام، دون المأموم، وسنعرض للمذاهب وأدلتها محاولين ضبط الشوارد، مع التنسيق والاختصار جهد الطاقة، وبالله التوفيق.
أولا: حكى القاضي أبو الطيب ومتابعوه عن الحسن بن صالح وأبي بكر الأصم أنهما قالا: لا تجب القراءة في الصلاة، بل هي مستحبة، واحتج لهما بما رواه أبو سلمة ومحمد بن علي "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى المغرب، فلم يقرأ، فقيل له؟ فقال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسنا، قال: فلا بأس" رواه الشافعي في الأم، وعن الحارث الأعور "أن رجلا قال لعلي رضي الله عنه إني صليت ولم أقرأ؟ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال نعم. قال: تمت صلاتك" رواه الشافعي، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال "القراءة سنة" رواه البيهقي.
ومذهب الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة ومذهب العلماء كافة وجوب القراءة، ولا تصح الصلاة إلا بها، وحجتهم الأحاديث الصحيحة التي لا معارض لها ومنها أحاديث الباب، وأجابوا عن الأثر عن عمر رضي الله عنه بثلاثة أجوبة: أحدها أنه ضعيف، لأن أبا سلمة ومحمد بن علي لم يدركا عمر، الثاني أنه محمول على أنه أسر بالقراءة، على فرض صحته، الثالث أن البيهقي رواه من طريقين موصلين عن عمر رضي الله عنه أنه صلى المغرب ولم يقرأ، فأعاد. قال البيهقي: وهذه الرواية موصولة موافقة للسنة في وجوب القراءة، والقياس في أن الأركان لا تسقط بالنسيان.
وأما الأثر عن علي رضي الله عنه فضعيف أيضا، لأن الحارث الأعور متفق على ضعفه وترك الاحتجاح به، وأما الأثر عن زيد فقال البيهقي وغيره: مراده أن القراءة لا تجوز إلا على حسب ما في المصحف فلا تجوز مخالفته، وإن كان على مقاييس العربية، بل حروف القراءة سنة متبعة.