وعمران بن حصين تذاكرا، فحدث سمرة أنه "حفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين، سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فحفظ ذلك سمرة، وأنكر عليه عمران، وكتبا في ذلك إلى أبي بن كعب فكان في كتابه إليهما أن سمرة قد حفظ" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.
وأجابوا عن قول أبي هريرة فيما رواه أبو داود والترمذي "فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما جهر فيه بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، بأنهم انتهوا عن قراءة السورة، لا عن قراءة الفاتحة على أن الحفاظ طعنوا في هذا الحديث، وقالوا: إنه ضعيف، فيه راو مجهول، وإن هذه الزيادة ليست من كلام أبي هريرة، بل هي من كلام الزهري، مدرجة في الحديث. والله أعلم.
-[ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-
١ - قال النووي: واحتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بحديث أبي هريرة [الرواية الثالثة] وهو أوضح ما احتجوا به، قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع، فثلاث في أولها ثناء، أولها [كما ذكرها أبو هريرة]"الحمد لله" وثلاث دعاء، أولها "اهدنا الصراط المستقيم" والسابعة متوسطة، وهي "إياك نعبد وإياك نستعين" قالوا: ولأنه سبحانه وتعالى قال "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين} فلم يذكر البسملة، ولو كانت منها لذكرها، وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول إن البسملة من الفاتحة؟ بأجوبة: أحدهما "أن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة، لا إلى الفاتحة وهذا حقيقة اللفظ، والثاني: أن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة، والثالث: معناه فإذا انتهى في قرائته إلى {الحمد لله رب العالمين} اهـ.
ثم قال: وفي هذه الرواية دليل على أن {اهدنا الصراط المستقيم} وما بعده إلى آخر السورة ثلاث آيات، لا آيتان، وفي المسألة خلاف مبني على أن البسملة من الفاتحة أو لا، فمذهبنا ومذهب الآكثرين أنها من الفاتحة وأنها آية "واهدنا" وما بعده آيتان، ومذهب مالك وغيره ممن يقول: إنها ليست من الفاتحة يقول: "اهدنا" وما بعده ثلاث آيات. اهـ.
وللكلام عن البسملة باب خاص وهو الباب التالي، فليراجع. والله أعلم.
(ملحوظة) لم يتعرض هذا الحديث للتأمين وسيأتي شرحه في باب التحميد والتسميع والتأمين .. إن شاء الله بعد خمسة أبواب.
٢ - أخذ من قول أبي هريرة في الرواية الخامسة "فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه لكم وما أخفاه أخفيناه لكم" مشروعية الجهر بالقراءة والإسرار بها، قال النووي: وقد أجمعت الأمة على الجهر بالقراءة في ركعتي الصبح والجمعة والأوليين من المغرب والعشاء، وعلى الإسرار في الظهر والعصر وثالثة المغرب والأخريين من العشاء، واختلفوا في العيد والاستسقاء، ومذهبنا الجهر