للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(والسلام كما قد علمتم) معناه قد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام علي، فأما الصلاة علي فهذه صفتها، وأما السلام علي فكما علمتم في التشهد وهو السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ولفظ "كما قد علمتم" روي بفتح العين وكسر اللام المخففة وروي بضم العين وتشديد اللام، أي علمتكموه. قال النووي: وكلاهما صحيح.

(ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) في هذا السياق إضمار، تقديره: قال ابن أبي ليلى: نعم، وقد وقع ذلك صريحا في بعض الروايات "قال: قلت: بلى" وفي بعضها "فقلت: بل اهدها لي".

(فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك) قال الفكهاني: الظاهر أن السؤال صدر من بعضهم، لا من جميعهم، ففيه التعبير عن البعض بالكل، ثم قال: ويبعد جدا أن يكون كعب هو الذي باشر السؤال منفردا فأتى بالنون التي للتعظيم، بل لا يجوز ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بقوله "قولوا" فلو كان السائل واحدا لقال له: قل، ولم يقل: قولوا. اهـ. وهو كلام حسن من حيث إن الصحابي لا يأتي بالنون التي للتعظيم، ولكنه لا يمنع أن يكون السائل واحدا، ويأتي بالنون لبيان أن السؤال كان له ولغيره، فهو قائل لفظا، وغيره قائلون حكما، أي قد عرفت أنا وغيري كيف نسلم عليك، وهذا هو الظاهر. والمستبعد أن يسأل جماعة في وقت واحد بلفظ واحد. إذ ليس ذلك من الأدب ولا من النظام في شيء، بل يصح أن يكون كعب بن عجرة قائلا حكما. والناطق غيره، نعم رواية الطبري، ولفظها "قمت إليه، فقلت: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ ترجح أنه المتلفظ بالسؤال، أما الرواية الأولى، ولفظها "فقال له ابن سعد ... " فإنها تفيد أن المتلفظ بالسؤال بشير، فإن صحت الروايتان، ولم ترجح روايتنا على رواية الطبري قلنا بتعدد المجالس والسؤال فإن كان في مجلس واحد قلنا: إن أحدهما سأل أولا وأيده الثاني بتأكد السؤال وإعادته والله أعلم.

-[فقه الحديث]-

لخص الحافظ ابن حجر مذاهب العلماء في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرة مذاهب.

أولها: قول ابن جرير الطبري إنها من المستحبات مطلقا. وادعى الإجماع على ذلك.

ثانيها: أنها تجب في الجملة بغير حصر. نقل ابن القصار فيه الإجماع [ولعل مراده بالإجماع هو وابن جرير إجماع أصحاب كل منهما، لا إجماع الأمة].

ثالثها: تجب في العمر مرة، في صلاة أو غيرها، وهي مثل كلمة التوحيد قاله أبو بكر الرازي من الحنفية، وابن حزم وغيرهما، وقال القرطبي المفسر: لا خلاف في وجوبها في العمر مرة، وأنها واجبة في كل حين وجوب السنن المؤكدة.

رابعها: يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد. قاله أبو بكر بن بكير من المالكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>