للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. فيجمع بذلك ما في الأحاديث الصحيحة. اهـ.

وتعقبه الأسنوي فقال: لم يستوعب ما ثبت في الأحاديث، ومع اختلاف كلامه في شرح المهذب، عنه في الأذكار، وعنه في التحقيق والفتاوي، فمرة أسقط "النبي الأمي" في "بارك" ومرة زاد "أمهات المؤمنين" بعد قوله: "أزواجه وزاد، أهل بيته" بعد قوله "ذريته".

وقال الأوزاعي: لم يسبق النووي إلى ما قال، والذي يظهر أن الأفضل لمن تشهد أن يأتي بأكمل الروايات، ويقول كل ما ثبت، هذا مرة وهذا مرة. وأما التلفيق فإنه يستلزم إحداث صفة في التشهد لم ترد مجموعة في حديث واحد. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: وكأن الأوزاعي أخذ كلامه من كلام ابن القيم، فإنه قال: إن الكيفية لم ترد مجموعة في طريق من الطرق. والأولى أن يستعمل كل لفظ ثبت على حدة. فبذلك يحصل الإتيان بجميع ما ورد بخلاف ما إذا قال الجميع دفعة واحدة. فإن الغالب على الظن أنه صلى الله عليه وسلم لم يقله كذلك. وقد نص الشافعي على أن الاختلاف في ألفاظ التشهد ونحوه كالاختلاف في القراءات. ولم يقل أحد من الأئمة باستحباب التلاوة بجميع الألفاظ المختلفة في الحرف الواحد من القرآن. وإن كان بعضهم أجاز ذلك عند التعليم للتمرين. انتهى كلام ابن القيم.

قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر إن اللفظ إن كان بمعنى اللفظ الآخر كما في "أزواجه" و"أمهات المؤمنين" فالأولى الاقتصار في كل مرة على أحدهما. وإن كان اللفظ يستقل بزيادة معنى ليس في اللفظ الآخر البتة فالأولى الإتيان به، ويحمل على أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر. اهـ.

ولا يخفى أن هذا الخلاف إنما هو في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، أما الصلاة عليه خارج الصلاة فللمصلي عليه أن يأتي بما يشاء من الألفاظ، ففي لفظ لابن مسعود "اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك"، أخرجه ابن ماجه والطبري، وفي لفظ لعلي كرم الله وجهه، اللهم داحي المدحوات ... اجعل شرائف صلواتك ونواحي بركاتك. ورأفة تحيتك. على محمد عبدك ورسولك "أخرجه الطبري والطبراني".

وادعى بعضهم أنه لا يقال: وترحم على محمد، وبالغ ابن العربي في إنكار ذلك فقال: حذار من زيادة "وترحم" قال الحافظ ابن حجر: إن كان إنكاره لكونه لم يصح فمسلم. وإلا فدعوى من يدعي أنه لا يقال: اللهم ارحم محمدا مردودة، لثبوت ذلك في عدة أحاديث أصحها في التشهد "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" ثم قال هذا فيما يقول مضموما إلى السلام أو الصلاة. أما مفردا فلا.

ونقل القاضي عياض عن الجمهور الجواز مطلقا، وخالف غيره، ففي الذخيرة من كتب الحنفية: عن محمد: يكره ذلك لإيهامه النقص، لأن الرحمة غالبا إنما تكون عن فعل ما يلام عليه، وجزم ابن عبد البر بمنعه، فقال لا يجوز لأحد إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: رحمة الله، لأنه قال: "من صلى علي" ولم يقل: من ترحم علي، ولا من دعا لي، وإن كان معنى الصلاة الرحمة، لكنه خص هذا اللفظ تعظيما له، فلا يعدل عنه إلى غيره، ويؤيده قوله تعالى: {لا

<<  <  ج: ص:  >  >>