للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: ٦٣]. اهـ.

واختلف العلماء في حكم الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم من الملائكة والأنبياء والمؤمنين.

أما الأنبياء فقد ثبت عن ابن عباس اختصاص الصلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعن عكرمة عن ابن عباس قال "ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم"، أخرجه ابن أبي شيبة. وحكي القول به عن مالك وجاء نحوه عن عمر بن عبد العزيز، وعن مالك يكره.

والجمهور على جواز الصلاة على الأنبياء، قال عياض: عامة أهل العلم على الجواز. قال سفيان: ووجدت بخط بعض شيوخ مذهب مالك، لا يجوز أن يصلي إلا على محمد، وهذا غير معروف عن مالك، وإنما قال. أكره الصلاة على غير الأنبياء، وما ينبغي لنا أن نتعدى ما أمرنا به. اهـ.

وبهذا يتبين أن عامة العلماء على جواز الصلاة على الأنبياء تبعا واستقلالا فنقول: مثلا: موسى عليه الصلاة والسلام، وقال شعيب عليه الصلاة والسلام ونحو ذلك، بل في الأحاديث ما يدل على مشروعيتها واستحبابها، فقد أخرج البيهقي عن بريدة رفعه "لا تتركن في التشهد الصلاة علي وعلى أنبياء الله" وأخرج الإسماعيلي من حديث أبي هريرة، رفعه "صلوا على أنبياء الله" وأخرج الطبراني عن ابن عباس، رفعه "إذا صليتم علي فصلوا على أنبياء الله فإن الله بعثهم كما بعثني"، فهذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة الإسناد نقوي القول بالجواز على الأقل.

وأما الملائكة فقد قال عنهم الحافظ ابن حجر: لا أعرف في الصلاة عليهم حديثا نصا، وإنما يؤخذ ذلك من الذي قبله، لأن الله تعالى سماهم رسلا. اهـ. فهو يرى أن حكم الصلاة عليهم كحكم الصلاة على الأنبياء.

وأما المؤمنون فقد قال طائفة بجواز الصلاة عليهم مطلقا، سواء كانت بطريق الاستقلال. أو بطريق التبعية، واستدلوا بالرواية الأولى والثانية ولفظها "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"، وبالرواية الثالثة ولفظها "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته" كما استدلوا بقوله تعالى {وصل عليهم} [التوبة: ١٠٣] وبقوله {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} [الأحزاب: ٤٣] وبما رواه البخاري عن ابن أبي أوفى، قال "كان إذا أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم بصدقته قال: اللهم صل عليه. فأتاه أبي بصدقته، فقال اللهم صل على آل أبي أوفى" وما رواه أبو داود عن قيس بن سعد بن عبادة "أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يده، وهو يقول اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة"، وبما أخرجه أحمد وصححه ابن حبان من حديث جابر أن امرأته قالت للنبي صلى الله عليه وسلم صل علي وعلى زوجي ففعل.

كما احتجوا بأن الصلاة دعاء بالرحمة فلا تمنع إلا بنص أو إجماع.

وهذا القول جاء عن الحسن ومجاهد، ونص عليه أحمد في رواية أبي داود وبه قال إسحق وأبو ثور وداود والطبري.

ويميل ابن القيم إلى هذا الرأي، لكنه يقيده بعض الشيء، فيقول: المختار أن يصلي على الأنبياء، والملائكة، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وآله وذريته، وأهل الطاعة على سبيل الإجمال، وتكره في غير الأنبياء

<<  <  ج: ص:  >  >>