لشخص مفرد بحيث يصير شعارا، ولا سيما إذا ترك في حق مثله، أو أفضل منه كما يفعله الرافضة؟ فلوا اتفق وقوع ذلك مفردا في بعض الأحايين من غير أن يتخذ شعارا لم يكن به بأس، ولهذا لم يرد في حق غير من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقول ذلك لهم، وهم من أدى زكاته إلا نادرا كما في قصة زوجة جابر وآل سعد بن عبادة. اهـ.
والجمهور عن منع الصلاة على غير الأنبياء والملائكة استقلالا، لا تبعا، فلا يقال: قال أبو بكر صلى الله عليه وسلم، وإن كان معناه صحيحا. يقال: صلى الله على النبي وعلى صديقه وعلى خليفته، ونحو ذلك، والحجة فيه أنه صار شعارا للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يشاركه غيره فيه. قالوا: وقريب من هذا أنه لا يقال: قال محمد عز وجل وإن كان معناه صحيحا. لأن هذا الثناء صار شعارا لله سبحانه وتعالى، فلا يشاركه غيره فيه.
قالوا: ولا حجة لمن أجاز ذلك منفردا، استدلالا بالآيتين، وبحديث ابن أبي أوفى وبحديث جابر السابقين، فإن ذلك كله وقع من النبي صلى الله عليه وسلم، ولصاحب الحق أن يتفضل من حقه بما يشاء، وليس لغيره أن يتصرف إلا بإذنه. ولم يثبت عنه إذن في ذلك، ويقوي المنع أن الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم في بعض البلاد صارت شعارا لأهل الأهواء، يصلون على من يعظمونه من أهل البيت، والصلاة على غير الأنبياء استقلالا لم تكن من الأمر المعروف، وإنما أحدثت في دولة بني هاشم.
والخلاف بين الجمهور في اعتبار هذا المنع حراما، أو مكروها، أو خلاف الأولى، كما أن الخلاف جار في الصلاة على المؤمنين تبعا، هل هي جائزة مطلقا أو فيمن ورد النص بهم؟
فقالت طائفة: لا تجوز الصلاة على المؤمنين استقالا -أي تحرم- وتجوز تبعا فيما ورد بالنص، أو ألحق به، لقوله تعالى:{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} لأنه لما علمهم السلام قال "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" ولما علمهم الصلاة قصر ذلك عليه وعلى أهل بيته وهذا القول اختاره القرطبي وأبو المعالي من الحنابلة.
وقالت طائفة: لا تجوز الصلاة على المؤمنين استقلالا -أي تحرم- وتجوز تبعا مطلقا: وهذا قول أبي حنيفة وجماعة.
وقالت طائفة: تكره استقلالا، لا تبعا، وهي رواية عن أحمد.
وقال النووي: هي خلاف الأولى.
والذي تميل إليه النفس أن الصلاة على المؤمنين استقلالا، إذا كانت على وجه التعظيم، ومعادلة النبي صلى الله عليه وسلم، أو على وجه رفع مفضول على فاضل حرمت أما إذا كانت على وجه الدعاء بالرحمة والبركة فلا تحرم، والأولى أن يذكر غير الأنبياء بالرضا والغفران، دون الصلاة، ودون السلام، فقد قال الحويني: والسلام في معنى الصلاة، فإن الله تعالى قرن بينهما فلا يفرد بالسلام غائب غير الأنبياء. أي لا يقال: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي عليهم السلام، وإنما يقال السلام خطابا للأحياء والأموات فيقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والله أعلم.