المدينة) تقدير السند في الأصل: قال أنس: حدثني محمود بن الربيع عن عتبان بحديث قال فيه محمود: قدمت المدينة ... إلخ.
وفي الرواية الثانية "عن أنس قال: حدثني عتبان بن مالك" وجمع بين الروايتين باحتمال أن أنسا سمع الحديث مرة من محمود بن الربيع، ومرة أخرى من عتبان.
(حديث بلغني عنك) أي جاء بي إليك حديث بلغني عنك، يبشر الموحد بالجنة، فأخبرني به.
(قال: أصابني في بصري بعض الشيء) وفي رواية "جعل بصري يكل" وفي رواية "لما ساء بصري" فهذه الروايات تدل على أنه لم يكن قد عمي كلية، لكن جاء في الرواية الثانية "حدثني عتبان أنه عمي" وفي رواية للبخاري في باب الرخصة في المطر "قال محمود: إن عتبان كان يؤم قومه وهو أعمى" ففي هاتين الروايتين تصريح بأنه عمي بالفعل.
وجمع الحافظ ابن حجر بينهما بأن قول محمود: إن عتبان كان يؤم قومه وهو أعمى، أي حين لقيه محمود وسمع منه الحديث لا حين سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى هذا أن عتبان حين طلب الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن قد تم عماه، ويعكر على هذا الجمع رواية البخاري، وفيها أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم "إنها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر".
وجمع بينهما بعضهم باحتمال أنه أراد ببعض الشيء، وسوء البصر، أراد العمى، وهو ذهاب البصر جميعه مجازا، أو باحتمال أنه أراد بالعمى ضعف البصر، وذهاب معظمه، وسماه "عمى" لقربه منه، ومشاركته إياه في فوت بعض ما كان حالا في حال السلامة، وهذا الاحتمال حري بالقبول.
(ثم أسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دخشم) "عظم" الشيء بضم العين وإسكان الظاء معظمه، "وكبره" بضم الكاف وكسرها لغتان فصيحتان مشهورتان، والإشارة إلى ما تحدثوا عنه، أي تحدثوا وذكروا شأن المنافقين وأفعالهم القبيحة، وما يلقون منهم، ونسبوا معظم ذلك إلى مالك بن دخشم. بضم الدال وإسكان الخاء وضم الشين، وفي رواية بالنون بدل الميم.
(ودوا أنه دعا عليه فهلك) ضمير اسم "أن" يرجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
(وودوا أنه أصابه شر) وفي بعض الروايات "أصابه بشر" بزيادة الباء الجارة، وفي بعضها "أصابه بشيء" قال النووي: وكله صحيح.
(وما هو في قلبه) الضمير يعود على المشار إليه، وهو الشهادة، والجملة في محل النصب حال.
(فخط لي مسجدا) أي علم لي على موضع لأجعل صلاتي فيه متبركا بآثارك.