(وجاء قومه) أي قوم عتبان لاستقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم في محلتهم والتشرف بلقائه في ديارهم والحفاوة به.
(ونعت رجل منهم) أي وصف بأوصاف وتحدث فيه.
-[فقه الحديث]-
تدل روايات مسلم للحديث على أن عتبان أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذهب إليه بنفسه، وتدل روايات البخاري له على أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وشكا إليه ما أصابه وطلب منه حضوره إلى بيته، وقد جمع بين الروايات باحتمال أنه أسند إتيان رسوله إلى نفسه مجازا، وقال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أنه أتاه مرة وبعث إليه أخرى، كما جاء في رواية مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى ومن شاء من أصحابه، وجاء في رواية أنه أتى ومعه أبو بكر وعمر، وفي رواية "في نفر من أصحابه" وإذا لم يكن بين رواية مسلم وبين هذه الروايات تعارض كان بين بعضها والبعض الآخر تعارض من حيث الظاهر، فرواية "ومعه أبو بكر" ورواية "ومعه أبو بكر وعمر" لا تتفق مع رواية "في نفر من أصحابه" فالنفر يطلق على الثلاثة فما فوقها إلى العشرة، وللجمع بينهما يمكن أن يقال: ليس في رواية معية أبي بكر أو معية أبي بكر وعمر قصر يمنع من دخول الغير، ويكون ذكرهما أو ذكر أحدهما اقتصارا من الراوي.
وقال الحافظ ابن حجر: يحتمل الجمع بأن أبا بكر صحبه في ابتداء التوجه، ثم عند الدخول أو قبله اجتمع عمر وغيره من الصحابة فدخلوا معه، اهـ. .
وهذا الجمع بعيد، لأن لفظ المعية من الكل مقيدا به الإتيان يجعل التوزيع صعبا، والأولى الجمع الأول.
وظاهر رواية مسلم أن تحدث الصحابة في مالك بن دخشم كان أثناء صلاته صلى الله عليه وسلم، وبه استدل بعضهم على جواز الكلام والتحدث بحضرة المصلين ما لم يشغلهم ويدخل عليهم الفساد في صلاتهم، ثم قال: وهذا في غير المسجد، وما لم يكن أحد المتحدثين عن يمين المصلي والآخر عن شماله.
لكن رواية البخاري تدل على أن التحدث كان بعد الصلاة إذ جاء فيها "فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر، فقمنا فصففنا، فصلى ركعتين ثم سلم، قال: وحبسناه على خريزة - لحم ودقيق مطبوخ في ماء - صنعناها له، قال: فثاب في البيت رجال من أهل الدار، ذوو عدد، فاجتمعوا فقال قائل منهم: أين مالك؟ إلخ.
ويمكن الجمع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعتين، ثم قام يصلي وحده وهم جلوس فتكلموا أثناء صلاته صلى الله عليه وسلم، فلما قضى صلاته رد عليهم.
وقد يرى المرء أن تمادي الصحابة في تناول مالك لم يكن ينبغي بعد كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ورده عليهم،