ولكن لعلهم فهموا من كلامه صلى الله عليه وسلم (خصوصا وقد ورد بأسلوب الاستفهام) أنه لا يجزم بذلك، فقالوا على جهة التنبيه والنصيحة: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه.
ومستندهم في ذلك تخلفه عن هذا المجلس، وهذا المشهد الكثير البركة، وعدم ظهور فرحه بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ديارهم، وعدم المبادرة إلى لقائه، بالإضافة إلى ما لاحظوه عنه من تردده على المنافقين وإصغائه إلى حديثهم.
ولم يوافقهم صلى الله عليه وسلم، فقد يكون له عذر فيما رأوا خصوصا وهو من أهل بدر، وقد علمت شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل بدر عامة بأن الله قد غفر لهم.
قال النووي: وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على إيمانه باطنا، وبراءته من النفاق في رواية البخاري بقوله: "ألا تراه قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله؟ ".
وقد ظهر في حسن إسلام مالك بن دخشم ما يمنع من اتهامه بالنفاق، ففي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعن بن عدي فجرفا مسجد الضرار، وما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يختاره لهذه المهمة وهو من المنافقين.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - مدى حرص الصحابة على تتبع الأحاديث والانتقال إلى راويها الأول لسماعها منه.
٢ - إخبار المرء عن نفسه بما فيه من عاهة، ولا يكون ذلك من الشكوى.
٣ - التبرك بآثار الصالحين، ويمكن أن تكون خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
٤ - جواز استدعاء المفضول للفاضل لمصلحة تعرض.
٥ - إجابة الفاضل دعوة المفضول.
٦ - زيارة العلماء والفضلاء والكبراء أتباعهم، وأنه من دعي منهم أجاب إذا أمن من الفتنة.
٧ - استصحاب الزائر بعض أصحابه إذا علم أن المستدعي لا يكره ذلك.
٨ - اجتماع أهل الجهة لملاقاة الإمام أو العالم إذا ورد منزل بعضهم ليستفيدوا منه ويتبركوا به.
٩ - افتقاد من غاب عن الجماعة.
١٠ - ذكر من يتهم بريبة أو نحوها للأئمة وغيرهم للتحرز منه، ولا يعد ذلك غيبة.
١١ - أن على الإمام أن يتثبت من ذلك، ويحمل الأمر فيه على الوجه الجميل.
١٢ - أن من نسب من يظهر الإسلام إلى النفاق ونحوه بقرينة تقوم عنده لا يكفر بذلك ولا يفسق، بل يعذر بالتأويل.
١٣ - الذب عن ذكره بسوء وهو بريء منه.