(٣) وأحاديث جابر بن عبد الله - وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسله في مهمة، فلما جاء من المهمة - وكان يعلم أن الكلام في الصلاة ممنوع - جاء فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته ووجهه إلى غير القبلة، فسلم عليه يظن أنه في غير صلاة. فلم يرد الرسول عليه سلامه، فكلمه فلم يستمع إلى كلامه، فأرخى جابر سمعه فإذا الرسول يقرأ أو يومئ بالركوع وهو مسنود على راحلته، فلما انتهى ناداه صلى الله عليه وسلم ماذا فعلت فيما أرسلت فيه؟ فأجابه. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعني من الرد عليك إلا أني كنت أصلي.
-[المباحث العربية]-
(فرماني القوم بأبصارهم) أي نظروا إلي بأبصارهم نظرة استنكار، وفي "رماني" استعارة تصريحية تبعية، شبه توجيه الأبصار برمي السهم في قوة تصويبه وشدته، واستعير الرمي للنظر، واشتق منه رمي بمعنى نظر.
(واثكل أمياه)"وا" حرف ندبة، و"ثكل" بضم الثاء، وإسكان الكاف وبفتحهما جميعًا لغتان، وهو فقدان المرأة ولدها وحزنها عليه لفقده، وهو مندوب في حكم المنادي، و"أمياه" بضم الهمزة وكسر الميم المشددة، وأصله أمي، زيدت عليه ألف الندبة، وأردفت بهاء السكت و"ثكل" مصدر مضاف لفاعله والمفعول محذوف، والأصل يا ثكل أمي إياي، أي أدعو وأندب فقد أمي لي وحزنها علي، وهذه الجملة من الجمل التي اعتادتها العرب عند التفجع وأماتوا معناها لكثرة الاستعمال فلم يقصدوا بها الدعاء بالموت. وفي رواية "أماه" بألف الندبة وهاء السكت وبحذف ياء المتكلم.
(ما شأنكم تنظرون إلي)؟ "ما" اسم استفهام خبر مقدم، و"شأنكم" أي حالكم مبتدأ مؤخر، وجملة "تنظرون إلي" حال. والمعنى: أي شيء حصل لكم حالة نظركم إلي؟ والاستفهام تعجبي إذا كان قد أدرك الخطأ فإنه يتعجب من زيادة الإنكار على ما ينبغي، أو حقيقي إذا لم يكن قد أدرك خطأه وتكلم هذا الكلام وهو في الصلاة وهو لا يعرف أن الكلام ممنوع.
(فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم) الظاهر أنهم كانوا في جلوس، ولما وجدوا نظرات الاستنكار لم تفد أخذوا يضربون أفخاذهم بأكفهم ويقلبونها تعبيرًا عن مزيد الاستنكار والتعجب قال النووي: وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع التسبيح لمن نابه شيء في الصلاة.
(فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت)"يصمتونني" بضم الياء وفتح الصاد وتشديد الميم المكسورة أي يسكتونني، وجواب "لما" المستدرك عليه لكن محذوف والتقدير: فلما رأيتهم يصمتونني بهذه الصورة كدت أغضب وأثور لكنني سكت، أي لم أتكلم.
(فبأبي هو وأمي) متعلق بفعل محذوف تقديره فهو بأبي وأمي أفديه.